الشطر الثاني من رواية "أراضي الله"

لايف ستايل - 16-02-2024

الشطر الثاني من رواية "أراضي الله"

اقتصادكم

 

عزيزة لا تخاف أحدا. تكشف عن مهنتها بدم بارد يجمد عروق كل من يتحدث عنها بسوء. بيد أنه لم يكن في الربع رجل واحد لا يتمنى لحظة دفء مع الجميلة عزيزة.

بجسدها كانت تجعل الرجال يفقدون عقلهم جملة وتفصيلا، وقد كانت تعرف هذا. كانت تقول انها هكذا تثنيهم عن أذيتها. اعترف أنني عندما كنت شابا، لم أكن افهم شيئا من أشياء كثيرة كانت عزيزة تحكي لي عنها، كنت دائما ضائعا بين رغبة تستحوذ على ثنايا أحشائي قبالة قميصها الأحمر، وبين إرادتي في أن أخبرها بأنني مستعد للزواج منها على الفور لكي أسد حنك كل الرجال. هؤلاء كان يسيل لعابهم هنا أمام هذا الجسد الخارج للتو من مصنع للجنس. عزيزة كانت تقول بأنه طالما يستمر هذا ليس لديها ما تخافه." سيلتهمونني في اليوم الذي سأكف عن هز هذه الخصي بين ثنايا بطونهم المترهلة ". 

عزيزة كانت محقة. كانت تقول أيضا بأنها تعرف الرجال أفضل من أي كان." أطعمتهم من ريقي. ملئوا كل موضع من جسدي ببصماتهم. احملهم جميعا في داخلي. إنهم أبنائي، لقطاء أو شرعيون، أستطيع اليوم توقع ابسط رغباتهم ".

 في حي الكدية، يقول المقززᴉ لابد من الحديث عن رءوف. في أحد الأيام أغرق جردا كبيرا بحجم جرو في البنزين وأضرم فيه النار حيا. انطلق الجرذ لما يقرب من مئتي متر في عدو مسعور. بدا الأمر وكأنها ألعاب نارية. جرذ من مكان قصي يعلن عن حدث كبير بالحي أمام الأنظار المشدوهة. وبسرعة أصبح الحدث موضوع الشهر. هل كان هذا الفعل ضروريا؟ هل هو خير أم شر في نظر الله أن يحرق جرد حي؟ أكيد أن الجرذان حيوانات قذرة، ولكن الله هو نفسه من خلقها، بأي حق يستطيع رجل أن يحاكم خلق الله القدير؟ وأقوال أخرى عن الآخرة وعن نار جهنم حيث ستقوم الملائكة بإغراق رءوف لعشرة آلاف سنة على الأقل. عشرات الأسئلة التي ختمت نهائيا سمعة رءوف، الرجل الذي كان يعود إلى بيته، بعد عمل مقزز آخر، يحمم أمه المريضة يغسل عورتها ويزيل ما تفعله تحتها. 

 مشاهير آخرون صنعوا مجد هذه الزاوية من العالم بين الزنقة 6 والزنقة 9، رقم ارض  الرجال التي سميت "الكروة" حسب لهجة بلوك الكدية، وهو اسم الحي المشتق عن الاسم الأصلي " كروازمون"، الذي يعني ملتقى، ملتقى الطرق، ملتقى الأنواع، ملتقى الأجناس، ملتقى الأفكار، ملتقى الأجساد، ملتقى الأقدار.

أولا عبد الخالق،" العينين الخارجين"، بمهراز، الياقوتة السوداء، والسي احمد، المجرم. غير أن المرة الوحيدة التي ارتكب فيها الشاب ما يسمى جنحة كانت في سنة 1981 أثناء أعمال الشغب لشهر يونيو الشهيرة التي أضرمت النار في مدينة الدار البيضاء. مومو المجرم كان في سيارة يدخن لفافة حشيش مع زميله. كنت شاهدا على ذلك أمام كل الآلهة وكل الأولياء وكل الشياطين. المشتبه بهما حكما بالحبس سنتين نافذتين جراء أعمال التخريب والإضرار بمصالح الدولة. إضرام النار، السرقة والاعتداء على أولي الأمر، ثلاث تهم رئيسية ثبتت ضدهم. مومو لم يستطع أبدا أن ينهض من جديد. حالة إغماء عميقة عطلت حياته. " الثقب الأسود " كما كان يقول عندما يستطيع تنسيق ثلاث كلمات. منذ خروجه من السجن دخل في صمت رهيب، يتأمل كناسك لغاية غير محددة.

يتبع..

عنوان الرواية : أراضي الله
المؤلف: عبد الحق نجيب