اقتصادكم
كانت السينما الخاصة بي تسير بشكل جيد. ما كان يجب الحرص عليه هو عدم الوقوع ضحية نقصان الأشرطة.
السينمائي الجيد يجب أن يمتلك ما يكفي من الأفلام تحت إبطه، أفلام ويسترن، أفلام بوليسية، أفلام رومانسية، أفلام مافيا، أفلام كاراتي، دراما هندية، أفلام إباحية لا تظهر فيها الأعضاء الجنسية.وصور أخرى كنت أجمعها بنفسي وأنا أقوم بإلصاق أطراف الأفلام ببعضها البعض، ما كان في اعتقادي يمنح من وقت لآخر بعض المفاجآت الجميلة. في كل الأحوال، كنت أعرف كيف أقود قاربي ولا أغرق أو أفقد الزبائن. هذه اللعبة الصغيرة دامت حوالي الأربع سنوات، أربع سنوات من الخدمة المشروعة، صنعت خلالها أصدقاء كثر من حولي يعدون بالمئات وحتى الأعداء الذين حاولوا أن يجربوا سينماهم الخاصة دون أن ينجحوا في ذلك.
لكي يألف الذين يتركون درهما في اليوم كأدنى حد، كنت أقدم حصة أو حصتين مجانا من فيلم زهري، لكي يستطيعوا ابتياع حصة جيدة من الحميمية خلف الباب بخمس أصابع. هذه العروض الخاصة كانت قد شاعت أخبارها في الحي، وأظن أن هذا ما عجل بنهاية الشركة. أن أعرض نساء عاريات على كرتونتي، يا للفضيحةᴉ يا لابن العاهرةᴉ كيف يجرؤ على عرض نساء فاسقات على أولادنا الذين ألهبوا ذكورهم بالصابون خلف الأبواب؟ حتى أن حمارا كبيرا أصيب بأمر ما في قضيبه بعد أن بالغ في جلده بعد حصتين من الفرجة الخاصة بدرهمين. جاءت أمه لتحكي عن أدق تفاصيل القصة لأمي. لا داعي لأن أحكي لكم نهاية القصةᴉ عوقبت أشد عقابᴉ والحمار الكبير أيضا عوقب من طرف كل الأولاد الذين حرموا من السينما المسائية بسبب غباءه وجبنه.
لكن الكارثة الحقيقية كانت يوم عادت أمي من الحمام قبل الوقت المعتاد، لأني كنت أحسب وقت مكوتها فيه بالدقيقة والثانية. لكنها على غير عادتها فاجأتني أقلب أوراق مجلة إباحية إسبانية لكي أقطعها إلى قطع صغيرة، لأجمعها في أشرطة وأصنع منها فيلما إباحيا والذي سيجلب لي ثروة كبيرة وقتها. كنت سأجمع مائة درهم على الأقل كل أسبوع إن لم يكن أكثرᴉ كنا سنعيش لعام دراسي كامل على الأقل حياة جميلة، لكن لأن الحمام كان ساخنا جدا، اضطرت أمي إلى الخروج قبل أوانها، لتجدني ألصق أنفي على عورة فتاة تدعى أنابيلا.
كنت في منتهى الحيرة من أمري، لدرجة أني لم أنتبه عند الوقوف للفرار، أني كنت أدور في مكاني مثل ثور، الأمر الذي جعلها تصفعني وهي تبصق على سروالي القصير. على بعد ثلاثمائة متر، كنت مع حسن، ولكي يلطف الأجواء، قال لي بأني لم أكن بحاجة إلى البصاق لأرطب قضيبي، أمي تكفلت بذلكᴉ يا لهذه الفكرة، تمارس العادة السرية ببصاق أمكᴉ يا لها من تمريرةᴉ ويستطرد حسن في سخريته مرددا أنها بصقت في المكان المناسب.
لم يكن واردا إذن أن أعود إلى المنزل ذلك المساء. لم يكن يخيفني الضرب، لكن الشتائم والتعليقات الساخرة التي يمكن أن تدوم لعام كامل. وحتى بعد ثلاثة أيام قضيتها في بيت خالتي، لم أنجو من ربع ساعة من الصفع والشتائم، كما حصرني إخوتي في مجلة البورنو لأزيد من ثلاثة أشهر كلما جمعنا مكان واحد، يعلقون علي "بورنوᴉ" و يهرجون مثل الأغبياء. أما بالنسبة لأمي، فكان لازما ألا أقعد معها على نفس المائدة، لأنها وبسبب شخصيتها النقدية، تعود لتتناول موضوع الأنف الملتصق بالصورة، طولا وعرضا، وهي تسأل وتجيب بنفسها: ماذا كنت تنتظر، أن تخرج لك من الصورة؟ لم أعرف بما أجيب، لكن الصور كانت تتناطح في مخيلتي. رغبت أن تأتي تلك الأنابيلا لتقدم لي زهرتها، لألتهمها اليوم وغدا وكل يوم، إلى ما لا نهاية يا أمي. لكن هذا لا يمكن أن أسر به إلى أمي، كانت تستطيع أن تفهم كل شيء، أن تسامح كل شيء، لكن أن تأتي صديقاتها لتشتكين مني، لأن أولادهن يقضون معظم الوقت في المخابئ يمارسون العادة السرية عوض تبديده فيما يفيد. هذا ما لم يكن مقبولاᴉ
لكن ما كان يفعله الفتيان لم يكن خطئي على أي حال. كنت قد قرأت في أحد الكتب أنه كلما أستمتعنا كلما كبرت الحشفة وقد تشاركته مع عدد من أصدقائي المقربين الذين لم يحفظوا السر لأنفسهم على ما يبدو، الأمر الذي تحول لأسابيع إلى احتفالات مكثفة بالعادة السرية في محيط المائتي متر دائرية. كان حسن يقول بأنه يشم رائحة الجنس في الزنقة على بعد مائة خطوةᴉ وهو ما يوجب القول بأن ذلك كان صحيحا إلى حد ماᴉ الأمر الذي تزامن مع ما لوحظ في الحي من نظارة وبهجة. كانت الوجوه أكثر انشراحا وأقل انقباضا. بدا الأولاد على قدر من الانطلاق، والحياة بدت وكأنها تملأ المحيط بسحر جسدي يفترض أن يدوم بأي ثمن.
لكن كل الأشياء الجميلة لها نهايةᴉ هكذا اكتشفت أمي سينما الكرتون وقامت بحرقها أمام ناظري، مع مئات الأمتار من الأشرطة التي التهمتها النار والتهمت معها حكايات بريس لي وستيف ريفز البطولية. كنت أرى سينماي تحترق أمام عيني حتى آخرها دون أدنى حركة وأمي تقول، فخورة بنفسها: "هكذا، لا حمق بعد في الحي، والناس لن يقولوا أبدا أن ابني هو من تسبب في كل هذا".
يتبع...