الشطر الرابع والعشرين من الفصل : الشيطان موجود في التفاصيل للرواية أراضي الله

لايف ستايل - 25-03-2024

الشطر الرابع والعشرين من الفصل : الشيطان موجود في التفاصيل للرواية أراضي الله

اقتصادكم

 

حكيت يوما حلمي لإمام، كان لابنيه ميول إجرامية مؤسفة. معتقدا أن لي تأثير جيد على ذريته، كان قد خصص لي حصة في المسجد قبل صلاة العصر. لكن حلمي أزعجه، اغرورقت عيناه بالدمع، مع بعض الغضب المصطنع. 

كان ينصت إلى دون كلام وقد توردت وجنتاه وأدناه. كان الإمام ينهار كلما تبلورت قصتي عن الجراء والفتاتين بالفساتين المزركشة. بالنهاية أمسكني من كتفي وهو يقول لي بصوت منطفئ ومتألم، بأني محطم وضائع في ملكوت الله. مطرود ومستبعد، وصمة عار على جبين المجتمع. وأنا أخرج من المسجد، أحسست بأني ورم كبير أو بصاق أو مرار، قيء كريه أو غرغرينا تأكل قلب المجتمع. ومع ذلك، كانت برأسي صورة تلك الظلال التي قدمت لي كأقوى صورة للإله والذي تراجع مغادرا في تفهم كبير. موقف مشوب بعدم الارتياح، لكنه عادل ونبيل وإنساني تقريبا. كنت أرغب في أن أعود إلى الإمام لأقول له بأن الله متواضع أكثر منه، لكن ذلك سيكون مجرد مضيعة للوقت لا أكثر. كان سيضربني ضربا مبرحا كما يفعل مع ولديه. 

  باختصار، يظل الله حيث كان ولا زال، بينما أنا يجب علي تدبر أمري للحصول على النقود. لحسن حظي وجدت هذه الكرتونة التي ستجنبني المصير السيء لكثير من الفتيان في هذا الحي. أخويّ أيضا كانا قد وجدا ملاذهما في محل اللّحام لمدة من الزمن. كان ذلك، كما تقول امرأة عجوز تشتغل كعرافة وراقية بكثير من الألمعية، كان ذلك آية النار التي بدل أن تحرق أرواح إخوتي في الجحيم يوم الحساب، اقترحت عليهما كبديل، لهب اللحام التي تنفث سمومها في المحجرين المكلومين لأخويّ. أن يقضيا ليالي كاملة تتبول عيونهما حرفيا دموعا ساخنة، لم يكن واردا إطلاقا أن أعمل مثلهما، لم أكن أتوفر على المؤهلات المكتسبة لمثل هذه التمارين، الإعمال الشاقة لا تناسبني بقدر ما كانت تناسبني كرتونة وشمعة.
  

مهما يكن، الخلفية الكبيرة للشلح تغمز لي دائما بنفس البسمة الهادئة والمرتبكة لأولئك الذين يودون تبليغ رسالة دون معرفة الرمز المحدد لفعل ذلك. كان ينظر إلي أسطو على كراتينه دون أن يتكلم. في مطلق الأحوال كان سيعرضها علي مع البسكويت بالداخل، شريطة أن أقوم بجولة صغيرة مستترة في مؤخرته الغليظة وبعيدا عن الأنظار. باختصار، لقد عاد الشلح اليوم إلى بلدته بعد أن جمع ثروة. دائما نفس المؤخرة الغليظة، لكن مترهلا أكثر من ذي قبل، ودزينة من الأطفال الموعودين بالتصدير القسري نحو المدينة الكبرى لجمع المال. وأنا كنت متمسكا بكرتونتي مثل كلب يعض على عظمته المتعفنة، مستعدا للعرض السينمائي الكبير، قطعتها إلى نصفين، نصف استخدمه لجمع الصراصير بعد الفشل الذريع لمشروع علي، وأخرجت النصف الآخر الذي لا يفترض أن تعلم أمي بوجوده. 

 الفكرة كانت بسيطة سرقتها من شخص مشهور بالجوار، يشبه صندوق العجائب في قدرته على الإبداع. في أحد الأيام وأنا أعبر الحي، رأيته وسط جماعة من أقرانه منهمكا في فقرته الفنية. يخبرهم أن لديه اختراع يجعلهم ينسون سينما الشريف بأخرى أخترعها هو. وبالفعل، استعرض الشاب بالتفصيل الممل أمام زمرته المنبهرين كيف بإمكانه إرغام صاحب السينما على إغلاق المحل.
" سيضع المفتاح تحت ممسحة الباب، أنا من يقول هذا، وعندما أكون أنا من يتكلم، ليس مثل أن تكونوا أنتم، ماذا تعني السينما عنده، لا شيء إطلاقا. أنا من يقول هذا أيضا، السينما هي أن تكون شخصية، كل واحد يجب أن يمتلك سينما خاصة به، أو سينما مصغرة الى ثلاث أو أربع. لأن الاختلاط لا يصلح للفن،دائما أنا من يقول. أترون هذه الصالة، ما رأيكم إذا قلت لكم بأني أستطيع أن أنسيكم إياها بواسطة كرتونة؟ نعم كل الصالة. ستحظون بنفس الفيلم ولكن بطريقتي وسيعرض عليكم بالمنزل مرفقا بالعشاء والشاي بالنعناع. هذا هو فن السينما أصدقائي، أنا من يقول..."عندما تكلم العسكري العجوز، كان بإمكانه تحريض الجميع، بالتأكيد أجبرناه على الصمت وقد استسلم بالكثير من المرارة، بالنسبة لي حديثه كان قد فتح أبواب السماء أمام حداثة سني. لدي حصتي من الكرتونة وأفكاري المضبوطة. 

بمساعدة مسطرة رسمت فوهة من عشرين على عشرين سنتمتر والتي قطعتها بواسطة شفرة الحلاقة. كان ذلك هو الثقب الذي سيستخدم كشاشة لصالة السينما المتنقلة المستقبلية. ثبتها بواسطة قطع صغيرة من شرائط اللصاق الأسود، سطوت عليها من الميكانيكي بالجوار، ورقة بيضاء منتزعة من دفتر، ويفضل أن يكون لزميل بالقسم، لأنه من النادر أن أتوفر على أوراق بيضاء ونظيفة ما دمت لا أتوفر سوى على دفتر واحد لكل المواد.