اقتصادكم - نهاد بجاج
سلط تقرير المركز المغربي للحكامة والتسيير الضوء على التحديات الهيكلية التي ما تزال تواجه ورش الحماية الاجتماعية، رغم ما حققه من مكاسب ملموسة خلال السنوات الأخيرة، خاصة على مستوى تعميم التأمين الإجباري عن المرض وإرساء نظام موحد للدعم الاجتماعي.
وأبرز التقرير أن هذا المسار يظل رهينا بعدة إكراهات، في مقدمتها إشكالية التمويل المستدام، وصعوبة إدماج القطاع غير المهيكل، إلى جانب تحديات تحسين جودة الخدمات وتعزيز الحكامة، مقدما قراءة تحليلية لآفاق إصلاح منظومة الحماية الاجتماعية وتكريس عدالتها ونجاعتها.

وفي تصريح لموقع اقتصادكم، أكد يوسف كراوي الفيلالي، رئيس المركز المغربي للحكامة والتسيير، أن الحماية الاجتماعية تمثل ورشا وطنيا ومشروعا ملكيا يستهدف النهوض بالأوضاع الاجتماعية للمواطنات والمواطنين، مبرزا أن التحدي الأكبر المطروح اليوم يتمثل في تعميم التغطية الصحية والاجتماعية.
وأوضح كراوي الفيلالي، في تصريح لموقع "اقتصادكم"، أن حوالي 8.5 ملايين شخص لا يستفيدون حاليا من التغطية الصحية، إما بسبب عدم التسجيل في المنظومة، أو نتيجة إغلاق حقوقهم، ما يستدعي، حسب تعبيره، تركيز الجهود في المرحلة الراهنة على تعميم التغطية الصحية والطبية قبل الانتقال إلى مستويات أكثر تقدمًا من الإصلاح.
وفي هذا السياق، شدد المتحدث على ضرورة إرساء نظام اجتماعي يقوم على تكافؤ الخدمات وجودتها بين القطاعين العام والخاص، معتبرا أن نجاح ورش الحماية الاجتماعية يظل رهينا بقدرة المنظومة الصحية العمومية على تقديم نفس جودة الخدمات التي توفرها المصحات الخاصة.
وأبرز المتحدث ذاته، أن هذا التحدي يكتسي بعدا مجاليا واضحا، بالنظر إلى تمركز المصحات الخاصة في المدن الكبرى، مقابل الحاجة إلى تعميم خدمات صحية ذات جودة بالمناطق القروية والنائية، ضمانًا لديمقراطية الولوج إلى العلاج.
وعلى مستوى الدعم الاجتماعي المباشر، دعا رئيس المركز المغربي للحكامة والتسيير إلى مراجعة المؤشر المعتمد حاليا، معتبرا أن المرحلة الراهنة تفرض اعتماد مؤشر أكثر إنصافا ومرونة، يتيح للأسر الاستفادة من التغطية الاجتماعية حتى في حال حدوث تغييرات ظرفية في أوضاعها المعيشية.
وأكد في هذا الصدد أن امتلاك صبيب للأنترنيت أو دراجة نارية لا يعد بالضرورة مؤشرا على تحسن الوضع الاجتماعي أو ارتفاع الدخل، ما يجعل المراجعة التقنية للمؤشر مسألة أساسية ضمن إصلاح المنظومة.
كما تطرق كراوي الفيلالي، إلى إشكالية تعميم التقاعد، معتبرا أن نجاح هذا الورش يمر حتما عبر هيكلة القطاع غير المهيكل، واعتماد نظام أكثر مرونة يسمح للمستخدمين بالانتقال بين القطاعين العام والخاص دون فقدان حقوقهم الاجتماعية أو التقاعدية، وانتقد في هذا الإطار فقدان النقاط أو انقطاع المسار المهني عند تغيير القطاع، واصفا ذلك بوضع غير السليم، يستدعي إصلاحا عميقا في تدبير الموارد البشرية.
وفي ختام تصريحه، أوضح أن التقرير تضمن حزمة من التوصيات موزعة على ثلاثة محاور رئيسية، تشمل توصيات استراتيجية مرتبطة بالحكامة، والتوجه نحو نظام القطبين بين القطاعين العام والخاص، إلى جانب تعزيز آليات المراقبة والتتبع لمختلف أوراش الحماية الاجتماعية، كما شملت توصيات تقنية تدعو إلى احترام المعايير الدولية المعتمدة من قبل منظمة الصحة العالمية، ومنظمة العمل الدولية، والأمم المتحدة.
وأضاف أن التقرير تضمن أيضا توصيات تقنية خاصة بالسياق المغربي، من بينها مراجعة طريقة احتساب المؤشر، وتعميم التغطية الصحية، وإعادة النظر في آليات الدمج بين AMO تضامن وAMO الشامل، في ظل ما يعانيه هذا الأخير من اختلالات على مستوى تحصيل المساهمات والولوج الفعلي إلى الخدمات.
وشدد في هذا الصدد على ضرورة التوجه نحو نظام القطبين للحفاظ على توازن التغطية الصحية بين القطاعين العام والخاص، وتقليص التدخلات التصحيحية التي لم تحقق إلى حدود اليوم النتائج المرجوة.