مراقب لا يُرى.. الزبون السري يدخل فنادق المغرب

لايف ستايل - 12-06-2025

مراقب لا يُرى.. الزبون السري يدخل فنادق المغرب

اقتصادكم - حنان الزيتوني

 

لم يكن في الحسبان أن يتحول نزيل عادي إلى أداة رقابة غير مرئية في قلب الفنادق المغربية. فبعيدا عن الكاميرات الرسمية وتقارير التفتيش التقليدية، شرعت وزارة السياحة في اعتماد أسلوب جديد لتقييم جودة الخدمات الفندقية يتمثل في “الزبون السري".

وسرعان ما أصبح هذا الزبون غير المعلن حديث كواليس الفنادق وهاجسا إيجابيا لدى العاملين في القطاع، في ظل رغبة متزايدة في إعادة الثقة في التصنيفات الفندقية وضمان تجربة تليق بالسائح المحلي والأجنبي على حد سواء. 

بداية القصة من الداخل

ذات مساء صيفي بأحد الفنادق المصنفة في مراكش، ولج ضيف جديد إلى بهو الاستقبال. لم يحمل حقيبة كبيرة، ولم يطلب خدمات فاخرة، لكنه راقب التفاصيل بعين ناقدة: ابتسامة موظف الاستقبال، نظافة المصعد، طراوة الفراش، وحتى طريقة تقديم وجبة الإفطار.

مرت إقامته كأي زبون عادي، لكن بعد مغادرته، تلقت الإدارة تقريرا مفصلا، لم يكن مصدره مراقبا رسميا، بل ذاك النزيل الذي لم يشك أحد في هويته وهو "الزبون السري". 

أداة للمراقبة أم ثقافة جديدة؟

وفي حديثه لموقع “اقتصادكم”، قال الزوبير بوحوت، الخبير في المجال السياحي، إن "اعتماد وزارة السياحة على آلية الزبون السري التي تأتي ضمن لائحة القرارات التنظيمية الجديدة في الجريدة الرسمية، والتي تهدف من خلالها الوزارة إلى تفعيل القانون 14-80 المتعلق بالمؤسسات السياحية، وإحداث تحول نوعي في القطاع من خلال اعتماد نظام تصنيف حديث ومعياري لمؤسسات الإيواء السياحي بالمغرب. يعد خطوة محورية في مسار إصلاح القطاع وتعزيز جودة الخدمات الفندقية".

وأوضح أن هذا الأسلوب يستخدم على نطاق واسع من قبل كبرى السلاسل الفندقية العالمية كأداة لتقييم حقيقي وموضوعي لتجربة الزبون، دون تدخل مباشر أو إنذار مسبق. 

"الزبون السري لا يمثل فقط وسيلة مراقبة، بل يخلق ضغطا إيجابيا دائما داخل المؤسسات السياحية"، يضيف بوحوت، مشيرا إلى أن كل زبون يصبح محتملا أن يكون مراقبا، ما يدفع الفرق الفندقية للحفاظ على جودة عالية باستمرار.

بين الخوف والتحفيز

في كواليس بعض الفنادق، بدأ الحديث يتردد حول “الضيف الخفي”، وتحولت العبارة إلى هاجس إيجابي لدى بعض الموظفين، "ولينا كنتعاملو مع أي زبون على أنه زبون سري”، تقول موظفة استقبال بأحد الفنادق في مراكش.

أما بعض الإداريين، فيرون في التجربة بداية لتصحيح اختلالات كانت مستعصية على الرقابة التقليدية، خصوصا أن بعض المؤسسات تحصل على تصنيفات نجومية لا تعكس واقع خدماتها.

شروط النجاح

وفي ذات السياق يؤكد الزوبير بوحوت، أن فعالية هذه الآلية مشروطة بـ"وضع معايير دقيقة وشفافة لاختيار الزبائن السريين، بما يضمن تمثيل مختلف أنواع النزلاء، من السياح المحليين إلى الزبائن الأجانب ومن مختلف الشرائح الاقتصادية".

كما شدد على أن "أي اختلال في هذه الآلية أو غياب للموضوعية سيضعف فعاليتها ويؤثر على مصداقيتها".

ما بعد التقرير

لكن هل يظل تقرير الزبون السري مجرد ورقة؟ يجيب بوحوت: “لابد من ربط نتائج تقارير الزبائن السريين بالعقوبات أو الحوافز، مثل تخفيض التصنيف أو سحبه نهائيا، أو منح امتيازات إضافية للمؤسسات التي تثبت التزامها الدائم بالجودة".

وتابع الخبير في المجال السياحي قائلا: "المغرب يسير بخطى ثابتة نحو تعزيز موقعه كوجهة سياحية عالمية، لكن هذا المسار لا يمكن أن ينجح دون رقابة صارمة، وآلية الزبون السري واحدة من الأدوات الذكية لتحقيق ذلك".

ومن جانبها وفي نفس السياق، سبق وأكدت وزيرة السياحة، فاطمة الزهراء عمور، أن هذه الخطوة تمثل “مرحلة حاسمة في تطوير الصناعة السياحية الوطنية”، مشيدة بالتعاون مع المهنيين والفاعلين في القطاع لتفعيل القانون المعتمد سنة 2015، مضيفة أن التقدم التنظيمي سيمكن المغرب من التموقع بين أبرز الوجهات السياحية العالمية.