اقتصادكم - سعد مفكير
أصدر الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، تقريره السنوي حول الصحراء المغربية، أوصى فيه مجلس الأمن الدولي بتمديد ولاية بعثة المينورسو لمدة 12 شهراً، إلى غاية 31 أكتوبر 2026.
وأكد غوتيريش، في تقريره المقدم إلى مجلس الأمن الدولي، تنامي الالتزام الدولي بإيجاد تسوية لقضية الصحراء المغربية التي تدخل عامها الخمسين، مشيراً إلى أن هذه المرحلة تمثل لحظة تاريخية ينبغي اغتنامها لتسريع وتيرة السعي نحو حل سياسي دائم.
وأوضح التقرير أن الأمم المتحدة، عبر مبعوثها الشخصي ستافان دي ميستورا، تواصل جهودها لإحياء مسلسل المفاوضات رغم العقبات المستمرة، لافتاً إلى أن الدعم الدولي المتزايد يعكس منعطفاً حاسماً في هذا النزاع المستمر منذ خمسة عقود.
كما أبرز غوتيريش الالتزام المتجدد الذي أبدته القوى الكبرى، والتي تواصل التأكيد على أهمية إيجاد حل متفاوض بشأنه، قائم على مبادرة الحكم الذاتي التي اقترحها المغرب سنة 2007.
ويرى الباحث المتخصص في قضايا الصحراء ورئيس المرصد الصحراوي للإعلام وحقوق الإنسان، محمد سالم عبد الفتاح، في تصريح لموقع "اقتصادكم"، أن هذا التقرير يعكس تحولاً نوعياً في الموقف الدولي تجاه قضية الصحراء المغربية، حيث أصبحت لغة الأمم المتحدة تؤكد اقتناع المجتمع الدولي بجدية وواقعية المقاربة المغربية المبنية على مبادرة الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية.
وأوضح عبد الفتاح أن التقرير رصد بموضوعية توسع دائرة الدعم الدولي للموقف المغربي، خاصة بعد المواقف الواضحة للولايات المتحدة والمملكة المتحدة اللتين أكدتا أن الحكم الذاتي هو الحل الوحيد العملي والقابل للتطبيق، في إشارة إلى التحول العالمي المتنامي نحو تثبيت سيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية.
وأضاف أن غوتيريش أقرّ ضمنياً بالتغيرات التنموية الكبرى التي تعرفها الأقاليم الجنوبية، من خلال الإشارة إلى الدينامية الاقتصادية والاجتماعية التي يقودها المغرب في المنطقة، والتي تجسد ممارسة فعلية للسيادة وترسخ واقع الاندماج الكامل للأقاليم الجنوبية في الوحدة الترابية للمملكة.
كما شدد الأمين العام للأمم المتحدة على ضرورة انخراط الأطراف في مفاوضات جدية دون تأخير أو شروط مسبقة، وهو ما يتطابق تماماً مع الموقف المغربي الداعي إلى حل سياسي واقعي ومتوافق عليه، في وقت تواصل فيه الجزائر وميليشيات "البوليساريو" التمسك بخطابات متجاوزة تتنافى مع منطق الواقعية السياسية الذي تبناه مجلس الأمن في قراراته الأخيرة.
وفي الشق الميداني، أشار التقرير، حسب المتحدث ذاته، إلى استمرار التعاون المثمر بين بعثة المينورسو والسلطات المغربية، مقابل العراقيل التي تفرضها "البوليساريو" شرق الجدار، وهو ما يؤكد أن المغرب وحده يضطلع بمسؤولياته الفعلية في حفظ الأمن والاستقرار وضمان سلامة عناصر البعثة الأممية، مبرزاً الانضباط الكبير الذي تتحلى به القوات المسلحة الملكية، مقابل ممارسات الميليشيات الانفصالية التي تفتقد لأي التزام قانوني أو مؤسسي.
أما في الجانب الإنساني، يضيف الباحث، فقد كشف التقرير عن مأساة إنسانية حقيقية يعيشها قاطنو مخيمات تندوف داخل التراب الجزائري، حيث تتدهور الأوضاع المعيشية وتتفشى الأمراض وسوء التغذية في غياب تام للمساءلة الدولية أو الإحصاء الرسمي للاجئين، محملاً الجزائر مسؤولية هذه المأساة بسبب سماحها بوجود كيان مسلح يمارس سلطة غير قانونية على أراضيها، في خرق واضح للقانون الدولي الإنساني.
وختم الباحث محمد سالم عبد الفتاح تحليله لموقع "اقتصادكم" بالتأكيد على أن المرحلة الراهنة تمثل منعطفاً حاسماً في مسار هذا النزاع المفتعل، داعياً الأمم المتحدة إلى الانتقال من مرحلة إدارة الأزمة إلى مرحلة الحسم عبر تبني مبادرة الحكم الذاتي كمرجعية نهائية للحل، في وقت يواصل فيه المغرب تعزيز موقعه الدبلوماسي بحزم وثقة، بينما يزداد المشروع الانفصالي عزلةً وتراجعاً أمام التحولات العميقة التي يعرفها الموقف الدولي من قضية الصحراء المغربية.