جمعوا الملايين...’’اقتصادكم’’ ترصد مواقع تستغل مأساة الطفل ريان عبر الأنترنت

ملفات خاصة - 11-02-2022

جمعوا الملايين...’’اقتصادكم’’ ترصد مواقع تستغل مأساة الطفل ريان عبر الأنترنت

ملصق لحملة رقمية بموقع لجمع التبرعات

اقتصادكم - نورالدين البيار 

انتشرت قصة الطفل المغربي ريان، الذي توفي اثر سقوطه في بئر، بعد بقائه بداخلها خمسة أيام، بقرية قرب مدينة شفشاون، انتشار النار في الهشيم،  وسارت بذكر قصته المواقع والصفحات على منصات التواصل الاجتماعي.

التعاطف العالمي جاء بعد انتشار وسم أنقذوا ريان باللغتين العربية والانجليزية في أكثر من بلد، خاصة على موقع تويتر، حيث غرد مشاهير منصة التدوين المصغر بدعواتهم على مدى 5 أيام .كي ينجو ريان ويعود سالما إلى أمه.

خوارزميات تويتر قادت قصة ريان إلى مشاهير و كبريات الأندية الأوروبية التي غردت متضامنة وتتمنى عودته سالما.

 الفيديو الصدمة 

 انتشار فيديو لريان  وهو محاصر داخل الجب، رفع منسوب التضامن العالمي مع قصته أثناء عملية إنقاذه الواسعة النطاق، التي قادتها فرق الوقاية المدنية بمعية متطوعين واصلوا الليل بنهار من أجل هدف واحد، إخراج ريان ، وقد تمكنوا من إخراج جثمانه في الأخير.

عملية الانقاذ تابعها ملايين عبر العالم بشكل مباشر من خلال منصات مواقع التواصل .

هذا الزخم الإعلامي والإنساني الدولي الذي صاحب القصة، حتى بعد وفاة الطفل عشية السبت 5 فبراير 2022 ، فتح بابا آخر على مصراعيه مرتبط بتقديم المساعدة المادية لأسرة ريان، مساعدة بدت بريئة لكنها، لم تسلم من دخول أصحاب النوايا السيئة الذين لم يكتفوا باصطياد النقرات فقط بل سعوا لربح الاف الدولارات .

اقتصادكم  رصدت في هذا التقرير ، بعض المبادرات التي سعت لإعانة الأسرة ماديا على مواقع التواصل منذ السبت الماضي.

أول المتضامنين   

اللاعب المغربي الدولي عبد الرزاق حمد الله، كان أول المبادرين إلى مد يد العون لأسرة الطفل ريان بإهدائها منزلا مجهزا.

وكتب مهاجم الاتحاد السعودي، على حسابه على موقع الانستغرام “السلام عليكم ورحمة الله تعالى و بركاته والصلاة والسلام على رسول الله وعلى صحبه أجمعين.

لقد مررنا بخمسة أيام قاسية جدا وخطفت قلوبنا نحن المغاربة وكل العرب و المسلمين بل حتى العالم أجمع، ننتظر خروج روح ابننا من ذلك البئر لكن قدر الله أن تخرج تلك الروح من البئر الى عنان السماء الى جنة الفردوس الأعلى”.

بعد حمد الله ظهرت ’’ستوري’’ على انستغرام  للفنانة المغربية دنيا بطمة ، تتحدث فيها عن رغبتها في تقديم مبلغ مالي وصفته بالمهم مع عائلة ريان.

وقالت بطمة: "السلام عليكم اخوتي و اخواني المغاربة مريت انا و أسرتي الصغيرة والكبيرة لي هي انتوما بخمس أيام صعبة كان أملنا أن نرى ريان بين عائلته لكن و بعد مجهودات أبطال مشكورين على كل شيء قدر الله وما شاء فعل انتقل الى رحمة الله صغيرنا ريان الله يرحمه يا رب".

وأضافت الفنانة المغربية:" هذا و قد قررت بإسمي و اسم عائلتي و اسم كل المغاربة أن أساعد بمبلغ مادي مهم و هذا واجب علي كمغربية أن أرسم و لو ابتسامة على وجه عائلة ابن كل المغاربة ريان".

وختمت قائلة:" نسأل الله أن يتقبل منا ومنكم و يجعلها في ميزان حسناتنا جميعا".

النصب الرقمي

بعد ذلك بدأت تظهر مبادرات هنا وهناك، بعضها ينهج النصب الرقمي، كان أكثرها إثارة للريبة،  تصاميم رقمية لأقمصة عليها صورة ريان، الذي كان يصارع يومئذ الموت، مرفوقة بعبارات انجليزية تقول: ابق قويا ريان، وكن قويا ريان.. أنقذوا ريان، ظهرت يوم الجمعة والسبت بأثمنة تجاوزت 30 دولار( نحو 300 درهم ).

ممتهنو النصب الرقمي لجأوا إلى حيلة لاقتناص بطاقات ائتمان مستخدمي الأنترنت، على طريقة اصطياد الضحايا التي تسمى وفق ما أكد خبراء في الأمن السيبراني لصحيفة اقتصادكم  ب Phishing ، وهي كلمة تشبه كلمة الصيد عند نطقها بالانجليزية، لكن يستخدم المصطلح رقميا لوصف فرد أو مجموعة ضارة تخدع المستخدمين.

ويتم ذلك عن طريق إرسال رسائل بريد إلكتروني أو إنشاء صفحات ويب مصممة، مزيفة، لجمع معلومات تسجيل الدخول المصرفية أو معلومات تسجيل الدخول الخاصة ببطاقة الائتمان أو معلومات تسجيل الدخول الأخرى للفرد.

مستغلين صورة الطفل ريان، حيث تم تعديل الصورة الأصلية لإعلان على موقع gofundme خاصة بطفل آخر اسمه ريان، بصورة ريان المغربي الذي تجاوزت قصته  المحيط الأطلسي.

gofundme هي شركة تدير منصة للتمويل الجماعي، مقرها مدينة سانتياغو الأمريكية، ;ولها مقرات اقليمية في ايرلندا ونيوزيلندا واستراليا، والموقع مسجل منذ 21 يناير 2010.

وكما هو مبين في شروط استخدام المنصة فهي ليست وسيطا  ولا مؤسسة مالية ولا دائنًا ولا جمعية، بل هي تقدم خدمات إدارية فقط. وتساعد المنظمين في إدارة جهات جمع التبرعات الخاصة بهم وتسمح للمانحين بالتبرع لجامعي التبرعات هؤلاء.

وتشدد الشركة المستخدم قبل بدء اي حملة تبرعات على استشارة مستشار مالي أو قانوني أو ضريبي أو غيره ، إذا لزم الأمر. المستخدم يقر بأنه يقوم بعرض المعلومات والمحتوى الذي يمكنك الوصول إليه باستخدام الخدمات على مسؤوليته الخاصة.’’

ريان الأمريكي 
 

الحملة التي تدعو إلى عائلة الطفل ريان غير المغربي، أطلقتها سيدة أمريكية اسمها ليزا بن شمشون، سعت لجمع 9 آلاف دولار فقط للعائلة الطفل الأمريكي فجمعت أزيد من المبلغ بقليل.
 
بحثنا عن هذه السيدة  على الانترنت لم نجد سوى حساب فيسبوكي باسمها لا يتضمن أي صورة او معطيات عنها.
 
بينما رصدنا في موقع آخر لجمع التبرعات اسمه، launchgood حملة أخرى دشنها شخص يدعى محمد س، بتنسيق مع مركز إسلامي في الولايات المتحدة اسمه ’’ آدامز سانتر’’.
 
دعم عائلة الطفل ريان الذي قضى بعد أكثر من 5 أيام داخل بئر.’’ كان هذا هو عنوان الحملة التي جمع أصحابها أكثر من 130 مليون سنتيم، حتى يوم الاثنين 7 فبراير 2022 ’’ يوم إغلاقها  فيما سيتم جمع الأموال المحصلة يوم 8 فبراير، بحسب منشور تم تحديثه  دعم عائلة الطفل ريان الذي قضى بعد أكثر من 5 أيام داخل بئر.’’

وجاء في تحديث للحملة يوم 9 فبراير، اطلعت عليه اقتصادكم،’’ حمد الله لقد وصلنا إلى هدفنا ولن نعيد فتح الحملة مثل هذه المرة. لقد تحدثت زوجتي الآن مباشرة إلى والدي ريان الذين وافقوا على الحملة وهم ممتنون لها.. ونحن بصدد استلام وثائق رسمية من المؤسسة التي نعمل معها في المغرب. 

وكشف صاحب الحملة في منشور على الموقع عينه، أن زوجته تحدثت مع عائلة الطفل و سوف نتأكد من استلامها قبل صرف أي أموال إن شاء الله. شكرا لكم جميعا على دعمكم المستمر. في حين لم يصدر أي تأكيد رسمي من المغرب حيال الأمر، كما أننا حاولنا التواصل مع السيد خالد أورام والد الطفل ريان للتأكد من هاته المعطيات لكن هاتفه كان خارج التغطية.
 
 هي حملات هنا وهناك تستغل اسما واحدا ’’ريان’’.
 
كما رصدت اقتصادكم حملة أخرى على الموقع الامريكي gofundme ، يبدو ان الموقع فطن لعملية النصب فقام بحذفها او حذفها أصحابها لاحقا، كما هو مبين في السكرين شوت.


 
ماذا يقول القانون؟
 
يقول الأستاذ إبراهيم ميسور المحامي بهيئة الرباط، إن عملية الإحسان العمومي او جمع التبرعات له مسطرة خاصة تقدم للأمانة العامة للحكومة، ولا يمكن أن يقوم به الأفراد بل هيئات كالمنظمات والجمعيات التي أكون في وضعية قانونية سليمة، وعليها تقديم طلب للأمانة العامة للحكومة وتبرر فيها أسباب الحملة، التي ينبغي أن تكون محددة في مدة معينة. والأمانة العامة يمكنها الاستجابة لهذا الطلب أو الرفض .
 
وشدد المحامي بهيئة الرباط، في حديثه مع اقتصادكم أن حملات جمع التبرعات بشكل عشوائي عبر الأنترنت يمكن أن تعرض أصحابها للمساءلة القانونية.
 
ولفت المتحدث أن الأموال المجموعة هي خارج القانون و منفلتة عن الرقابة، وقد تتوجه لمسار غير مسارها الذي انشئت من اجله.
 
وعن الحملات في المواقع التي خارج المغرب، قال إبراهيم ميسور، لصحيفة اقتصادكم إن السلطات المغربية عليها أن تتحرك عبر النيابة العامة. وأضاف ان هناك متربصين يستغلون هاته المآسي من أجل الربح.
 
وتجدر الإشارة إلى أن عمالة شفشاون كانت قدر حذرت من استغلال قصة الطفل ريان في جمع التبرعات بشكل عشوائي.

وأفاد بلاغ لعمالة إقليم شفشاون أنه تم رصد عدد من المبادرات، على شبكات التواصل العمومي، من داخل المغرب وخارجه، وبصيغ وأشكال مختلفة، تحاول استغلال حادثة وفاة الطفل ريان أورام، الذي وافته المنية بعد سقوطه في بئر بإقليم شفشاون، وذلك تحت ذريعة جمع تبرعات نقدية أو عينية لفائدة أسرة الفقيد.
 
وذكر البلاغ في هذا الصدد، بأن المقتضيات القانونية الوطنية، تضبط وتقنن عمليات ومسطرة التماس الإحسان العمومي، ومختلف المبادرات والدعوات التي تهدف لجمع التبرعات وتقديم المساعدات، وذلك حماية للفئات التي قد تتضرر من ذلك، بما فيها أسرة المرحوم ريان، في هذه الحالة، طبقا للفصل الأول من القانون المتعلق بالتماس الإحسان العمومي.

وأضاف المصدر أن أسرة المرحوم ريان، التي هي على علم بمثل هذه التصرفات، ترفض استغلال البعض لظروفها الإنسانية، تحت ذريعة تقديم مساعدات لفائدتها في هذا الظرف الأليم.
 
وخلص البلاغ إلى أن الجميع مدعو، أمام هذا الوضع، للالتزام بالنصوص القانونية، و تبليغ السلطات المختصة عن الممارسات المخالفة للقانون في هذا الشأن، والتي تسيء للتقاليد الأصيلة للشعب المغربي، في مجال التضامن النبيل.
 
كما حذر نشطاء وإعلاميون من مثل هذه الحملات ، ودعوا السلطات إلى التحرك لضبط هذه الأموال التي يمكن تقع في أيدي أشخاص لا علاقة لهم بالعمل الإحساني.