يشهد المغرب هذا العام موجة جفاف غير مسبوقة منذ أزيد من عقدين على الأقل
اقتصادكم - نورالدين البيار
يشهد المغرب هذا العام موجة جفاف غير مسبوقة منذ أزيد من عقدين على الأقل، بسبب نقص التساقطات، ما سينعكس سلبا على القطاع الفلاحي الذي يعد من القطاعات الأساسية في النسيج الاقتصادي المغربي.
هذا المعطى جعل الملك محمد السادس يوجه الحكومة لاتخاذ كافة التدابير الاستعجالية الضرورية، لمواجهة آثار نقص التساقطات المطرية على القطاع الفلاحي.
ويهدف البرنامج الاستثنائي الذي أعدته الحكومة، للتخفيف من آثار تأخر التساقطات المطرية، والحد من تأثير ذلك على النشاط الفلاحي، وتقديم المساعدة للفلاحين ومربي الماشية المعنيين.
البرنامج الذي رصدت له الحكومة، مبلغ ألف مليار سنتيم، يرتكز على ثلاثة محاور رئيسية، هي، حماية الرصيد الحيواني والنباتي، وتدبير ندرة المياه؛ إضافة إلى التأمين الفلاحي. ويهم المحور الثالث تخفيف الأعباء المالية على الفلاحين والمهنيين، وتمويل عمليات تزويد السوق الوطنية بالقمح وعلف الماشية، علاوة على تمويل الاستثمارات المبتكرة في مجال السقي".
وكانت حكومة عزيز أخنوش تعول كثيرا على الموسم الفلاحي لتحقيق نسبة نمو تصل الى 3.2 في المئة على الأقل، بينما توقع البنك الدولي أن يستقر النمو في المغرب في 3 بالمئة، لكن يرى خبراء أن الجفاف يمكن أن يعصف بهذه الأرقام وسيكون له تأثير على نسبة النمو هذا العام.
وفي هذا الصدد يقول الخبير الاقتصادي عمر الكتاني، إن نقص التساقطات سيكون له تأثير بين على نسبة النمو في ظل غياب بدائل حقيقية لسكان القرى.
وأوضح الخبير الاقتصادي في حديث لـ’’ اقتصادكم’’ أن تعثر الإنتاج في العالم القروي راجع لغياب رؤية واضحة في المناطق القروية، لأن المشكل بحسبه، هو مشكل سياسي تجاه سكان البادية وهناك فرق بين السياسة الفلاحية والسياسة العامة التي تهم سكان البوادي.
وتابع الكتاني، أن ’’ سكان البادية يمثلون 40 في المئة من مجمل سكان المغرب، وهم خارج التغطية الاجتماعية، بما فيها التعليمية والصحية والخدماتية وإذا لم يسقط المطر لا ينتجون شيئا، لأن فاقد الشيء لايعطيه. ولديهم عمل وحيد هو الفلاحة، التي ترتبط بالمطر، بينما في المدن للناس مناحي مختلفة للإنتاج كالصناعة والنقل والسكن الخدمات.
ويتوقع الخبير الاقتصادي، أن يفقد المغرب ما بين نقطة ونصف إلى نقطتين، في نسبة النمو او ما يعادل ما بين 1800 و2000 مليار سنتيم.
وعن برنامج الدعم الذي رصدته الحكومة للقطاع الفلاحي لمواجهة أثار الجفاف هذا العام، اعتبر الكتاني أن الأزمة بنيوية ولا يمكن ان تحل بالدعم كل سنة لأن العام المقبل غير مضمون، فإلى متى سيتم تخصيص دعم لهذا القطاع.
والمدخل إلى تفادي هذه المشاكل هو القضاء على الفوارق المجالية، وتعزيز التكوين، يضيف الكتاني، تكوين الانسان في القرية.
وشدد المتحدث ذاته، على التكوين وبناء الانسان كمدخل للتنمية، لأن ما لا يوجد في القرية موجود في المدينة التي يمكنها العيش بدون أمطار، ومن لا تكوين له لا ينتج بشكل جيد.
وأكد الكتاني أن النموذج التنموي أغفل التشخيص في هذه المسألة، لأن ما نربحه في المدن نخسره في القرى، ونفس الأسباب تعطينا نفس النتائج. على حد تعبيره.
وكحل للأزمة اقترح الكتاني بناء مدن جديدة في المناطق القروية، من أجل مضاعفة فرص التشغيل الذي يبقى مقتصرا الان على الفلاحة.
وأضاف في السياق ذاته، انه ينبغي خلق 15 مدينة على الأقل على مشارف المناطق القروية الأكثر هشاشة، تكون بها جميع مناحي الحياة الموجودة في المدن، من أجل تحريك العجلة الاقتصادية في هذه المناطق وكبح الهجرة ومخلفات الجفاف.