كيف تؤثر أزمة الرقاقات الإلكترونية على سوق السيارات بالمغرب ؟

ملفات خاصة - 05-01-2022

كيف تؤثر أزمة الرقاقات الإلكترونية على سوق السيارات بالمغرب ؟

تواجه صناعة السيارات مشكلة كبيرة في التصنيع والتوريد بسبب النقص في مخزون الرقاقات

اقتصادكم - نورالدين البيار  

تواجه صناعة السيارات مشكلة كبيرة في التصنيع والتوريد بسبب النقص المستمر في الرقاقات الإلكترونية العالمية (semiconducteur)، ولا يبدو أنها على وشك الاستقرار في الوقت القريب.

وبحسب خبراء فإن عام 2022 سيكون عامًا صعبًا للصناعة، خاصة وأن أزمة أشباه الموصلات لم تبلغ ذروتها بعد.

ويواجه مصنعو هذه المكونات الإلكترونية حاليًا اضطرابًا في سوق المواد الخام وأيضًا في الشحن والخدمات اللوجستية. ويتوقع مراقبون أن تنتظر صناعة السيارات 18 شهرًا على الأقل للعودة المحتملة إلى طبيعتها.

نقص الرقاقات الإلكترونية، تحول من كونه مصدر إزعاج بسيط قبل نحو عام عندما تسربت أخبار قليلة من الصين في ديسمبر 2020، إلى أزمة شاملة لم تخرج أبدًا من العناوين الرئيسة لكبريات الصحف العالمية.
 
كورونا في قفص الاتهام 

في البداية، كان التفسير الشائع هو أن جائحة كورونا أثرت على الطلب المتزايد في السوق على الحواسيب والأجهزة الالكترونية عند أشهر الإغلاق وهو الأمر الذي أحدث فجوة في العرض والطلب على الرقائق الإلكترونية، حيث تم تركيز الإمدادات على القطاعات والمنتجات التي عرفت استهلاكا مرتفعا خلال 2020 بسبب كورونا.

عندما انتعش الطلب قليلا في النصف الأول من 2021 على السيارات، أدت قيود العرض القوية والقصور الذاتي في المصانع إلى إطالة فترات انتظار الرقاقات الإلكترونية ما بين ستة إلى تسعة أشهر. ومع ذلك، بعد تسعة أشهر تعمقت الأزمة، هذه المرة ليست مصانع السيارات التي وجهت إليها أصابع الشك، ولكن في مصانع تصنيع وتجميع الرقاقات نفسها.

ارتفاع معدلات الإصابة بـ كوفيد19 في آسيا أدى إلى عمليات الإغلاق المحلية ونقص العمالة التي تؤثر على التصنيع في مصانع الرقاقات في ماليزيا وتايلاند، حيث تم تقليص مخزون السيارات الجديدة بشدة، مما كان له تداعيات على المبيعات. 

أزمة الرقاقات عالمية 

في الولايات المتحدة وكندا، تراجعت مبيعات السيارات الخفيفة بشكل كبير على الرغم من الطلب القوي وهو الشأن ذاته في أوروبا التي خسرت أزيد من 60 أسبوعا من الإنتاج حتى الآن. 

إنها مشكلة عالمية من المتوقع أن تكلف شركات صناعة السيارات ما يصل إلى 210 مليار دولار هذا العام وحده وفق ما أفادت فورد اتوريتي. 

وقالت شركة فورد في بيان: "نتيجة لقضية توريد أشباه الموصلات التي تؤثر على جزء كبير من صناعة السيارات العالمية، فقد توقفنا عن العمل في العديد من المصانع بالفعل في وقت سابق من هذا العام". "نحن نراقب الموقف عن كثب ونعدل جداول الإنتاج عند الحاجة." سيستمر النقص حتى عام 2022 ويمكن أن يمتد حتى عام 2023. يقول المدير المالي لشركة فورد جون لولر في حديثه عن ارباح شهر أكتوبر الماضي.


في الأسبوع الأول من شهر نوفمبر وحده، قدر سام فيوراني، نائب الرئيس للتنبؤ بالمركبات العالمية في AutoForecast Solutions، أن فورد أوروبا فقدت حوالي 375000 وحدة من الإنتاج، مما ساهم في إجمالي المنطقة البالغ حوالي 3 ملايين وحدة وخسر 10 ملايين وحدة على مستوى العالم هذا العام.

وشهدت ألمانيا، أكبر سوق في أوروبا، شهر سبتمبر2021 أسود حيث تم بيع أقل من 200000 سيارة جديدة، وهو أمر غير مسبوق منذ 30 عامًا.

شركة فولكس فاجن الألمانية لصناعة السيارات أجبرت هي الأخرى على وقف إنتاج السيارات الكهربائية في مصانع إنتاجها في تسفيكاو ودريسدن.

وبحسب ما ورد أكد متحدث باسم فولكس فاجن ساكسونيا توقف الإنتاج لمدة أسبوع واحد لـ مجلة السيارات الألمانية Automobilwoche. ليست هذه هي المرة الأولى التي تضطر فيها فولكس فاجن إلى وقف الإنتاج بسبب النقص العالمي في رقائق أشباه الموصلات التي ابتليت بها جميع الصناعات الإلكترونية في جميع أنحاء العالم خلال جائحة كورونا العالمية.

في ذلك الوقت، كانت خطوط إنتاج فولكس فاجن Golf وTiguan في مصنع فولفسبورج التابع للشركة هي التي اضطرت للتوقف، حيث تم إعطاء الأولوية لخطوط إنتاج المعرف الكهربائي للشركة.

 في فرنسا، تراجعت المبيعات بنسبة 20.50٪ في سبتمبر قبل أن ينخفض التراجع إلى 30.7٪ في أكتوبر. 

تأثير أزمة الرقاقات الإلكترونية على السوق المغربي 

المغرب ليس استثناء من هذه الأزمة، فبعد نمو مزدوج الرقم في النصف الأول من عام 2021، هوت المبيعات لاحقًا في تباطؤ يبدو أنه مستمر. وارتفعت بنسبة 3.17٪ فقط في سبتمبر قبل أن تتراجع في نهاية أكتوبر حيث بلغ عدد التسجيلات بنهاية الشهر 12330، بانخفاض نسبته 10.70٪ مقارنة بنفس الفترة من عام 2019 (السنة المرجعية).

وارتفعت التسليمات التراكمية منذ بداية العام إلى 143،967 وحدة، بزيادة قدرها 10.16٪.
وعاودت المبيعات الانتعاش خلال دجنبر 2021 بحسب بيانات شهرية صادرة عن جمعية مستوردي السيارات بالمغرب، إذ كشفت أن مبيعات السيارات الجديدة بالمملكة بلغت 156 ألفا و920 سيارة إلى نهاية نونبر الماضي، أي بزيادة نسبتها 8.97 في المائة مقارنة مع متم نونبر 2019.

وأوضح المصدر ذاته أن عدد التسجيلات الجديدة بالنسبة لسيارات الخواص بلغ 137 ألفا و544 سيارة، بارتفاع قدره 7.44 في المائة، بينما ارتفع عدد السيارات النفعية الخفيفة إلى 19 ألفا و376 سيارة (زائد 21.32 في المائة).

مصادر اقتصادكم كشفت أن العلامات التجارية المتميزة والفاخرة هي الأكثر تضررًا. يمكن أن يصل تأخير التسليم في بعض الأحيان إلى ما بين 4 إلى 5 أشهر. 

’’ لقد واجهنا تأخيرات في تسليم كل من داسيا ورينو. والامر يختلف تبعًا للطراز. على سبيل المثال، بالنسبة إلى Dacia Duster أو Renault Kadjar الجديدة، لدينا توافر المنتجات لتلبية احتياجات زبنائنا، ولكن هناك أنواع أخرى تتعرض لضغط كبير كما هو الحال بالنسبة لـ Clio أو Captur. ليس لدينا الكثير من الرؤية كما اعتدنا. يؤكد فابريس كريفولا، المدير العام لشركة رينو التجارية المغرب في تصريح لـ ’’ اقتصادكم’’.
ويضيف مدير رينو التي تستحوذ على ما يقرب من 42٪ من حصة السوق، "لقد واصلنا إدارة المخزون على مدار الأسابيع’’ يضيف المسؤول ذاته.

من جهته أكد جيروم بيرثود مدير علامة أودي التجارية في المغرب، وجود أزمة إمدادات. تعاني مصانع أودي من اضطرابات إنتاجية شديدة بسبب نقص أشباه الموصلات. فجأة، لدينا بعض الاضطرابات لتلبية متطلبات عملائنا.

عادل بناني، رئيس جمعية مستوردي السيارات بالمغرب، يرى أن أزمة الرقاقات أثرت بشكل كبير على السوق المحلي، نظرا لأن هذه الرقاقات تتواجد في الكثير من تجهيزات السيارات قد تتجاوز عشرين رقاقة.

وأشار بناني في حديث لـ اقتصادكم إلى أن التوقعات في مارس من العام 2020، كان العالم تحت الإغلاق وتوقعات المصنعين كانت منخفضة لسنة 2021، وأعطت رؤية الإنتاج بحسب الطلب حيث كان منخفضا، على غير العادة، موضحا أن قطاع السيارات لا يتطلب سوى 12 في المئة من سوق أشباه الموصلات من الرقاقات الإلكترونية، في حين يستهلك قطاع الأجهزة الإلكترو منزلية، من حواسيب وهواتف، وإنترنت الأشياء والذكاء الاصطناعي، وغيرها 88 في المئة، من صناعة الرقاقات.

وأكد بناني أن الطلب على السيارات الجديدة ارتفع في 2021، لكن مصانع السيارات تفاجأت بنفاد مخزون الرقاقات الإلكترونية بعدما كان المصنعون لهذه الرقاقات قد باعوا كل المخزون المتوفر.

وزاد عادل بناني، أن 6 أشهر الأولى من 2021 كانت المبيعات مرتفعة ب 30 في المئة مقارنة بالسنة الماضية، لكن في 3 أشهر الأخيرة بدءا من أكتوبر 2021، انخفضت وتيرة نمو سوق السيارات في المغرب، وذلك بسبب غياب الرقاقات الإلكترونية.

سوق السيارات سيحتاج أشهر كي يتعافى من الأزمة 

وعن عودة الكميات إلى سابق عهدها وانتعاش سوق السيارات من جديد، أكد بناني لـ اقتصادكم أن الخبراء يتوقعون أن يتعافى القطاع في منتصف سنة 2022.

وشدد المتحدث على أن الجميع ينتظر أن تمر الأزمة التي تطرح الكثير من المشاكل على مستوى تسويق السيارات.

في رأي العديد من المتخصصين في صناعة السيارات، من المرجح أن تستمر هذه الأزمة. ولا يُتوقع العودة إلى الوضع الطبيعي حتى النصف الثاني من عام 2022 أو حتى عام 2023. ويمثل القطاع 10٪ فقط من عملاء الشركات المصنعة للرقاقات الإلكترونية. القطاعات الأخرى، مثل الهاتف، وأجهزة الكمبيوتر، تطلب أكثر وبالتالي لها الأولوية.

وتجدر الإشارة إلى أن انخفاض العرض محليا في سوق السيارات الجديدة كان له تداعيات ايجابية على سوق السيارات المستعملة. حيث ارتفعت الأثمنة وفق ما أكده لـ ’’ اقتصادكم’’ العديد من المتخصصين في هذا النشاط، كالميكانيكيين والوسطاء.