شعيب لفريخ
حول إقصاء المنتخب الوطني المغربي من كأس الأمم الإفريقية التي تجري أطوارها بالكاميرون، انظار الجماهير صوب الجامعة ومسؤوليتها في ما آلت إليه الأوضاع، خاصة وأن المنتخب المغربي لم يظفر بكأس منذ أزيد من 45 سنة,
الخروج دفع المحامين إلى التحرك، ومراسلة المجلس الأعلى للحسابات الذي توجد الكرة في ملعبه الان,
ففي شكاية مؤرخة بتاريخ 31 يناير 2022 طالبت الجمعية الوطنية للمحامين بالمغرب من المجلس الأعلى للحسابات بافتحاص مالية الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم.
وقد وصفت شكاية الجمعية الوطنية للمحامين بالمغرب الموجهة إلى رئيسة المجلس الأعلى للحسابات، ميزانية الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم بالميزانية الضخمة التي تتجاوز ميزانيات عدة قطاعات حيوية، وأنه يتم صرف أجور خيالية للمدربين والمساعدين وغيرهم دون أن يتم الإعلان عنها.
وفي نفس السياق طالبت شكاية أخرى لجمعية تنتمي إلى المجتمع المدني يترأسها محامي ينتمي إلى هيئة الرباط مؤرخة بتاريخ 1فبراير2022، موجهة إلى رئيسة المجلس الأعلى للحسابات، إلى فتح تحقيق قضائي حول طريقة صرف أموال الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، مبرزة أن رئيس الجامعة هو في نفس الوقت عضو في الحكومة الحالية مكلف بالميزانية وأنه هو نفسه الذي يمول الجامعة.
إنها المرة الأولى في تاريخ المغرب الحديث التي توجه فيها جمعية للمحامين الذين يصنفون كمساعدين للقضاء شكاية إلى المجلس الأعلى للحسابات ضد رئيس جامعة كرة القدم هو في نفس الوقت وزير بالحكومة، ولم يكن أي أحد يتجرأ من قبل على رفع أية شكاية أو انتقاد علني ضد ضابط سامي يترأس جامعة كرة القدم.
كرة القدم بالمغرب هي ساحرة ولها مكانة حساسة جدا لأنها تتجاوز الجانب الرياضي إلى ملء الفراغ والأدوار الاجتماعية النفسية والتوازنات، لكنها من جانب آخر، وهذا هو موضوعنا، هي مقاولة ضخمة تدر الأموال ليس فقط من مختلف المنح ومداخيل الملاعب الرياضية والمنافسات الدولية، بل من عقود الإشهار ومختلف العقود والمساهمات الأخرى، التي يمكن أن تغذي ميزانية الدولة وليس العكس.
الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم ليست إسما لفريق رياضي، بل هي مؤسسة عمومية في قطاع الرياضة وكرة القدم لها أدوار معلومة، والمال الذي تتصرف فيه هو مال عمومي الذي هو خاضع بقوة الشيء إلى المقتضيات الدستورية من حيث الحكامة وربط المسؤولية بالمحاسبة والخضوع للمراقبة المالية.
فالفصل 147 من دستور 2011 وصف المجلس الأعلى للحسابات بالهيئة العليا لمراقبة المالية العمومية الذي يقوم بالتحقق من سلامة العمليات المتعلقة بالمداخيل والمصاريف، ويسهر على تدعيم وحماية مبادئ وقيم الحكامة الجيدة والشفافية والمحاسبة بالنسبة للدولة ومختلف الأجهزة العمومية.
وفي موضوعنا الذي نتحدث عنه، والمرتبط بالمال العام، فالأمر جد إيجابي بالنسبة للدولة والمجتمع، أن يقوم المجلس الأعلى للحسابات بدوره الدستوري والقانوني، فهو بالإضافة إلى اختصاصاته القضائية يمنحه القانون المنظم مراقبة تسيير المرافق والأجهزة العمومية وتقييمها والإدلاء باقتراحات حول الوسائل الكفيلة بتحسين طرق عمل تلك المرافق والزيادة في الفعالية والمردودية، وهذا على كل حال هو المبتغى.
فالكرة الآن عند المجلس الأعلى للحسابات وليست عند الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم.