إصلاح سلبيات قطاع المحروقات السائلة في إطار النموذج التنموي الجديد

ملفات خاصة - 20-02-2022

إصلاح  سلبيات  قطاع المحروقات السائلة في إطار النموذج التنموي الجديد

اقتصادكم - شعيب لفريخ

عندما كان نظام الدعم والمقاصة ضروريا بعد فجر الاستقلال  تم العمل به من أجل حماية القدرة الشرائية الضعيفة للمواطنين آنذاك، مع ضمان استقرار أسعار المواد الاستهلاكية الأساسية  وتطوير العديد من القطاعات الإنتاجية، وذلك إلى غاية تاريخ إلغاء دعم المحروقات السائلة الثلاث البنزين والغازوال والفيول  في 1 دجنبر 2015، هذا الإلغاء لم يكن فقط تحت ضغط توصيات المؤسسات المالية الدولية الدائنة، وإنما حقيقة لثقل نفقات نظام المقاصة على ميزانية الدولة، وكذا غياب مبررات الدعم  كما أثبتت الدراسات باستحواذ الفئات الميسورة على ثلاثة أرباع الدعم في مقابل الثلث فقط للمعوزين، المهم هو أن  الرابح في إلغاء نظام دعم صندوق المقاصة هي الدولة وميزانيتها التي وفرت 35 مليار درهم سنويا.

 

الانتقال من المقاصة إلى نظام التحرير الكلي لم يكن مباشرة وإنما سبقته مراحل اشتغلت عليها الإدارة بشراكة مع الشركات النفطية ابتدأت بنظام الأسعار الثابتة قبل 2013، ثم نظام المقايسة النسبية سنة 2013، فنظام المقايسة سنة 2014، وكان آخر المراحل قبل التحرير النهائي هو عقد اتفاق في دجنبر 2014 بين القطاع الحكومي وتجمع النفطيين وشركة سامير للمصادقة على أسعار المواد النفطية السائلة للفترة ما بين 1يناير إلى 30 نونبر 2015.إن أسلوب الشراكة هذا هو الذي مكن من الوصول إلى نظام التحرير المعمول به حاليا.

 

وبخلاف ما قد يعتقد البعض، فإن قطاع المحروقات جد مقنن بالعديد من القوانين والأنظمة التي تم تغييرها وتتميمها  وتحيينها في مراحل مختلفة، منه ما يرجع إلى سنة 1916 زمن الحماية، سواء فيما يتعلق بالاستيراد أو شراء وبيع وتوزيع المحروقات أو في مجال التخزين وكذا في مجال تحديد الأسعار والمنافسة، وهناك أيضا المواكبة اللصيقة للقطاع من طرف عدة إدارات، المديرية العامة للجمارك والضرائب غير المباشرة، المديرية العامة للميزانية، مديرية الضرائب، مكتب الصرف، الطاقة و مجلس المنافسة.

 

إن تراكم مدة 6 سنوات من  الممارسة في إطار نظام تحرير قطاع المحروقات السائلة، مكن الإدارة بمختلف مرافقها والشركات النفطية  من خبرة ومن تحقيق عدة أمور إيجابية، كما أنه هناك سلبيات، فالأمور الإيجابية، هو دخول شركات جديدة إلى القطاع و انتقال عدد شركات توزيع المواد البترولية  السائلة من 20 شركة في سنة 2016 إلى 30 شركة في سنة 2020 وكذا انتقال الشركات المستوردة من 11 في سنة 2016 إلى 26 في سنة 2020، ارتفاع عدد محطات بيع الوقود  التابعة للشركات البترولية أو لغيرها من 2477 في سنة 2016 إلى 2600 في سنة 2020 ، هناك استثمارات مهمة من طرف الشركات لإنجاز أو توسيع مستودعات لتخزين المواد البترولية بالجرف الأصفر أو بعض المناطق الأخرى، فالشركات تغطي عدة مناطق أخرى للتخزين بميناء طنجة المتوسط، المحمدية، أكادير، الأقاليم الجنوبية، وقد تحسنت قدرات تخزين المواد البترولية السائلة لدى شركات من بنزين وغازوال وفيول ووقود الطائرات إلى حوالي 1.5 مليون متر مكعب منها 93 بالمائة متصلة بالموانئ عبر أنبوب  التوزيع البترولية.

 
أما السلبيات فكان أبرزها الشكاية  التي تقدمت بها أحدى المركزيات  النقابية وأحد الاتحادات المهنية للنقل  إلى مجلس المنافسة بشأن المساس بقواعد المنافسة السليمة من طرف الشركات النفطية وهي الإحالة المسجلة بالمجلس تحت عدد S /16/112 بتاريخ 15.11.2016، والتي اتخذ فيها مجلس المنافسة الذي كان يرأسه ادريس الكراوي قرارا بتاريخ 22يوليوز 2020 بمعاقبة الشركات بأداء 8 في المائة من رقم أعمالها السنوي بسبب التواطآت المحتملة للشركات وقد كان هذا القرار موضوع مراسلة من طرف رئيس مجلس المنافسة إلى الديوان الملكي وما تلاه من اعتراض من طرف تجمع النفطيين بالمغرب، والذي انتهى الأمر بشأنه بتشكيل الملك محمد السادس للجنة تحقيق مكونة من رئيسي البرلمان ورئيس المحكمة الدستورية ووالي بنك المغرب ورئيس المجلس الأعلى للحسابات والأمين العام للحكومة، هذه اللجنة التي خلصت إلى مسار معالجة القضية شابته العديد من المخالفات المسطرية وتدهور ملحوظ في مناخ مداولات المجلس، وتم بعد ذلك  إعفاء ادريس الكراوي. وفي بلاغ الديوان الملكي بتاريخ 22 مارس 2021 عند  تعيين أحمد رحو رئيسا لمجلس المنافسة، أمر الملك محمد السادس بإحالة الموضوع على رئيس الحكومة للتدقيق في الإطار القانوني الحالي لمجلس المنافسة. وفي اجتماع المجلس الحكومي بتاريخ 1أبريل 2021 كلف سعد الدين العثماني رئيس الحكومة آنذاك كل من الأمين العام للحكومة ووزير الاقتصاد والمالية بمراجعة القانون 104.12 المتعلق بحرية الأسعار والمنافسة وبالقانون 20.13 المتعلق بمجلس المنافسة، لكن لحدود الساعة لم يتم بعد الانتهاء من مراجعة القانونيين.

 

إن المرحلة التي دخل إليها المغرب بعد الاستحقاقات الانتخابية الأخيرة، هي مرحلة تطبيق النموذج التنموي الجديد لمغرب الغد الذي يقتضي كما جاء في وثيقته المرجعية ’’ تعبئة جميع الفاعلين نحو الهدف.. وتغيير أسلوب العمل الجماعي من أجل تنفيذ الإصلاحات بوتيرة ثابتة..’’ وبناء على ذلك، فإن تعبئة جميع الفاعلين نحو الهدف سيجعل الجميع في علاقة رابح رابح ولا مجال لخسارة أي أحد فالجميع هو على قارب واحد بغية الوصول إلى شاطئ النجاة والتنمية.

 

فإصلاح   سلبيات   قطاع  المحروقات  السائلة  ممكن  جدا وفي أسرع وقت في إطار أسلوب  النموذج التنموي الجديد الذي يشتغل الجميع  من أجله وتحت سقفه.