الذكاء الاصطناعي في العمل والتعليم يطرح تحديات تأثيره على الإبداع البشري والابتكار

اتصالات و تكنولوجيا - 29-01-2025

الذكاء الاصطناعي في العمل والتعليم يطرح تحديات تأثيره على الإبداع البشري والابتكار

اقتصادكم - سعد مفكير

 

أحدث التطور الكبير في مجال الذكاء الاصطناعي تغييرات جذرية في مختلف القطاعات، بما في ذلك بيئات العمل والتعليم، حيث أصبح الذكاء الاصطناعي أداة قوية تعزز الكفاءة والإنتاجية، لكنه في نفس الوقت قد يثير تساؤلات حول تأثيره على الإبداع البشري والابتكار. من جهة أخرى، في مجال التعليم، سواء على مستوى التلاميذ أو الطلبة، يحمل الذكاء الاصطناعي إمكانيات كبيرة لتحسين طرق التعلم وتعزيز التجربة التعليمية، لكنه قد يطرح تحديات تتعلق بتقليص التفاعل الشخصي والاعتماد المفرط على التكنولوجيا.

بين كيفية استفادة الموظفين من الذكاء الاصطناعي لتحسين إنتاجيتهم وتعزيز قدراتهم الإبداعية، ومساهمة هذه التكنولوجيا في تحسين أداء الطلاب وتسهيل عملية التعلم، تظهرالمخاوف المرتبطة بتقليص دور الإنسان في اتخاذ القرارات الإبداعية وتهديد الذكاء الاصطناعي لبعض المهارات الأساسية في العملية التعليمية.

تقدم سريع في عدة مجالات يسهل الحياة اليومية 

وقال عبداللطيف بلمقدم، رئيس المعهد الوطني للابتكار والتكنولوجيا المتقدمة، إن الذكاء الاصطناعي حقق في السنوات الأخيرة تقدمًا سريعًا وهاما من خلال دمجه في عدة مجالات سهلت حياتنا اليومية كأتمتة المهام المعقدة التي كانت تأخد منا وقتا بالإضافة الى دوره كمساعد افتراضي من تعديل الصور إلى الفيديوهات إلى كتابة النصوص بالإضافة الى المساهمة في الأفكار والأبحاث والمساعدة في البرمجة المعقدة.

وأضاف الخبير في التكنولوجيا المتقدمة، في تصرح لموقع "اقتصادكم" أن هذا التحول التكنولوجي أثر على العديد من جوانب حياتنا، ومع ذلك، فإن أحد المجالات التي تأثرت بشكل كبير بالذكاء الاصطناعي هو التفكير الإبداعي النقدي لدى الفرد . 

جدل تأثيره على الإبداع بين الموظفين والطلاب والتلاميذ

وأدى دمج الذكاء الاصطناعي في مجالات مختلفة، حسب عبداللطيف بلمقدم، جدلاً كبيراً حول تأثيره على الإبداع بين الموظفين والطلاب والتلاميذ، وفي حين يمكن للذكاء الاصطناعي أن يقدم أدوات وفرصاً جديدة للتعبير الإبداعي، فإنه يطرح أيضاً تحديات قد تعيق الفكر النقدي الذي يهدف إلى الرفع من منسوب الابداع . 

واعتبر رئيس المعهد الوطني للابتكار والتكنولوجيا المتقدمة أن الذكاء الاصطناعي قادر على بناء مجموعة واسعة من الوسائل المساعدة على تسهيل حياتنا ويمكن جعلها كمحطة انطلاق للأبداع والابتكار أكثر، تسمح هذه الامكانية باكتشاف أنماط جديدة غير موجودة في الذهن ويساعدنا الذكاء الاصطناعي على الوصول لها ويمكن لنا تطويرها الى مرحلة النتائج المبتكرة، موضحا أن الذكاء الاصطناعي قادر أيضا على تحليل كميات هائلة من البيانات ورصد الأنماط والاتجاهات التي يصعب تحليلها في وقت قياسي وهنا ستكون مفيدة للموظفين وللطلبة وستساعدهم على الرفع من انتاجيتهم .

إشكالية النمطية الإبداعية

وعلى الرغم من أن الذكاء الاصطناعي قد يعزز الإبداع الفردي، حسب بلمقدم، فإنه قد يؤدي أيضاً إلى النمطية الإبداعية حيث تشير الأبحاث إلى أن النتائج التي يتم إنتاجها بمساعدة الذكاء الاصطناعي تميل إلى أن تكون أكثر تشابهاً مع بعضها البعض مقارنة بتلك التي يتم إنشاؤها بواسطة البشر فقط، وهذا ما يثير المخاوف بشأن تفرد وأصالة الأعمال الإبداعية المنتجة في بيئة بمساعدة الذكاء الاصطناعي. 

ولفت المتحدث ذاته النظر إلى أن الاعتماد على هذه التقنيات بشكل مفرط تعد أبرز عيوب الذكاء الاصطناعي، حيث أنه قد يقلص التفكير النقدي العميق والمشاركة الشخصية في المهام الإبداعية، وقد يمنع هذا الاعتماد تطوير مهارات حل المشكلات الأساسية بمرور الوقت. 

قيمة حقيقية ولكن!

ومن جهته، يرى خالد أورمي، صحافي متخصص في التكنولوجيا، في تصريح لموقع "اقتصادكم"، أن الذكاء الاصطناعي التوليدي، مثل ChatGPT، يُعد أداة قوية يمكن أن تضيف قيمة حقيقية للطلاب والتلاميذ، حيث يمنحهم القدرة على استيعاب المفاهيم بشكل أفضل، تحسين جودة أعمالهم الكتابية، وتحفيز إبداعهم، مشددا على أن هذه الأدوات لا يمكن أن تحل محل التفكير البشري، فهي تقدم إجابات تعتمد على بيانات موجودة مسبقًا، والتي قد تكون أحيانًا غير دقيقة أو منحازة.

وفقًا لإحصائيات Statista، فإن 86% من الطلاب حول العالم يعترفون باستخدام الذكاء الاصطناعي في دراستهم، بما في ذلك الكتابة، التوصيات المخصصة للمحتوى، والبحث.

وأشار أورمي إلى أن هذه التقنية ليست خالية من المخاطر، فقد يؤدي الاستخدام المفرط إلى التبعية المفرطة، مما يحد من تنمية الإبداع والتفكير النقدي لدى المتعلمين. بالإضافة إلى ذلك، تبرز قضايا أخلاقية مثل حماية الخصوصية وخطر الانتحال، وهي أمور حساسة للغاية في السياق التعليمي.

لذلك، يضيف الصحافي المتخصص في التكنولوجيا، أنه يجب النظر إلى الذكاء الاصطناعي التوليدي كأداة مرافقة ومكملة للتعلم، وليس كحل شامل.