إلى أي حد سؤثر قرارات رفع معدل الفائدة الرئيسي على أرباح البنوك وتنافسيتها؟

التحليل والرأي - 16-04-2023

إلى أي حد سؤثر قرارات رفع معدل الفائدة الرئيسي على أرباح البنوك وتنافسيتها؟

اقتصادكم

 

تواجه البنوك سنة تتسم بالتحديات بسبب تأثير التضخم على القدرة الشرائية للمواطنين، وتداعيات رفع سعر الفائدة الرئيسي على كلفة الاقتراض، الذي سجّل تباطؤاً في الإقبال عليه بداية السنة الجارية.

وكان بنك المغرب رفع معدل الفائدة الرئيسي 3 مرات متتالية منذ شتنبر الماضي، ليبلغ حالياً 3%، وهو الأعلى منذ 2014، في مسعى لمواجهة التضخم الذي قفز في نهاية فبراير الماضي  إلى 10.1%.

وبدأت أولى نتائج سياسة التشديد النقدي تظهر في بيانات البنك المركزي أواخر فبراير، إذ سجلت القروض البنكية انخفاضاً بـ0.3% على أساس شهري لتستقر عند 1030 مليار درهم، بعد يناير الذي سجل هو الآخر تراجعاً بـ2.4% مُقارنةً بشهر دجنبر الذي سبقه.

وبهذا الخصوص، يتحدث الخبير الاقتصادي زكرياء كارتي، عن تباطؤ طفيف في الإقبال على الاقتراض خلال يناير وفبراير الماضيين، وهو ما يمكن اعتباره أولى الإشارات الواضحة حول تأثير قرار رفع معدل الفائدة ارئيسي. 

ونبه المحلل المالي في تصريح لـ"بلومبرغ الشرق"، إلى أن الأسر والمقاولات ستكون على رأس المُتضررين من تشديد السياسة النقدية، إذ ستتوقف الأسر أمام فوائد مرتفعة عن المضي في طريق الاقتراض، سواء لاقتناء السكن أو السيارات إلى إشعار آخر، في الوقتٍ الذي ستحد  المقاولات من خطط الاستثمار على المدى المتوسط.

وتمثل القروض الممنوحة لمقاولات القطاع الخاص قرابة نصف إجمالي القروض بنحو 431 مليار درهم، وقد سجلت انخفاضاً قدره 1% في نهاية فبراير على أساس شهري، بينما بقيت قروض الأسر، البالغة نحو 380 مليار درهم، مستقرة دون زيادة مقارنة بشهر يناير.

كارتي يرى" أنَّ وتيرة تراجع الإقبال على القروض ستزيد في الشهور المقبلة مع زيادة كلفة الاقتراض، ما سيدفع بعض البنوك لتسجيل خسائر في العام الجاري.

وبنهاية السنة الماضية، وصل متوسط سعر الفائدة المطبقة في القطاع البنكي 4.50%، مقابل 4.29% في الربع الثاني من 2022، وفقاً لمعطيات بنك المغرب. ويُتوقَّع أن يزيد هذا المتوسط بعدة نقاط في نهاية السنة الجارية انعكاساً لتأثير الرفع الثالث لسعر الفائدة الرئيسي الذي تمّ في مارس الماضي.

مسؤول إدارة المخاطر في أحد البنوك المغربية الكبرى، قال لـ"بلومبرغ الشرق" إنَّ رفع سعر الفائدة "يدفع البنوك لدراسة مقدار الزيادة الممكن تمريرها إلى العملاء، ويتم دائماً استبعاد سيناريو التمرير الكامل للزيادة لأنَّ ذلك سيضر بالإقبال على الاقتراض".

ويبلغ عدد البنوك التجارية 9 في السوق، علماً أنَّ 6 منها مدرجة في بورصة الدار البيضاء التي السنة الماضية من تحقيق أرباح إجمالية بنحو 12.4 مليار درهم، بزيادة 20% على أساسٍ سنوي، مستفيدةً من انخفاض تكلفة المخاطر بنحو 12%.

المسؤول في البنك المغربي، الذي طلب عدم ذكر اسمه لأنَّه غير مخول له بالتصريح، أضاف أنَّ "الاستمرار في تشديد السياسة النقدية من قِبل البنك المركزي سيكون له تأثير على هامش ربح البنوك في 2023، لكنَّ حدّة التأثير ستكون أقل بالنسبة للبنوك الكبرى، لأنَّ لديها قاعدة واسعة من الزبناء، بما يوفر لها احتياطيات إلزامية كافية لتغطية ارتفاع التكاليف".

وفي حال استمرار بنك المغرب في دورة التشديد النقدي بالاجتماع الثاني للسنة الجارية في 20 يونيو المقبل، ستكون البنوك ذات الحصص السوقية المتوسطة والصغيرة أمام امتحان صعب، باضطرارها لرفع فوائد الإقراض بشكلٍ أكبر.

وتوقَّعت وكالة "فيتش" للتصنيف الائتماني، في تقرير لها صدر الأسبوع الماضي، أن يُنهي "المركزي" العام الحالي برفع سعر الفائدة الرئيسي إلى 4.5% لمواجهة التضخم الذي يستمر في تحطيم أرقام قياسية. وإذا تحقق هذا التوقُّع، سيُسجل المغرب أطول وأقوى دورة تشديد للسياسة النقدية في تاريخه، وهو ما قد يؤدي إلى فقدان نقاط عدّة من النمو الاقتصادي في البلاد.

كما أشارت وكالة "ستاندرد آند بورز" للتصنيف الائتماني ضمن توقُّعات حديثة حول المغرب أن تبقى إيرادات القطاع البنكي في المملكة صامدةً، حيث ستؤدي الهوامش المرتفعة إلى زيادة صافي دخل الفوائد، وقالت إنَّ خروج البلاد من اللائحة الرمادية لمجموعة العمل المالي، سيعزز قدرة البنوك على الانخراط في عمليات تمويل التجارة مع البنوك الأجنبية، خصوصاً تلك الموجودة في أوروبا.

ومن جهتهم، توقَّع خبراء بنك التمويل والاستثمار "سي دي جي كابيتال" (CDG Capital) في تقرير حديث أن يستمر "القطاع المصرفي في تحقيق الأرباح برغم بعض التباطؤ في نمو القروض في ظل التأثير المحدود لرفع سعر الفائدة الرئيسي، وذلك بترجيح عدم الاستمرار في دورة تشديد السياسة النقدية مع توقُّع انخفاض التضخم عالمياً ومحلياً.