الأخبار الزائفة في المغرب: التساهل الكبير لما يسمى بالشبكات الاجتماعية

التحليل والرأي - 09-02-2024

الأخبار الزائفة في المغرب: التساهل الكبير لما يسمى بالشبكات الاجتماعية

اقتصادكم

 

 

 بقلم : عبد الحق نجيب
 كاتب و صحفي

هذا النص التنبئي الذي وقعه الكاتب :"أومبرتو إيكو" يأخذ معناه اليوم في عالم لا تعرف الٱتصالات فيه أي حواجز ويعطي الصوت لأي شخص: “لقد أعطت وسائل التواصل الٱجتماعي الحق في الكلام لجحافل من الأغبياء الذين كانوا يتحدثون فقط في الحانة ولم يسببوا أي ضرر للمجتمع.

 كانوا يسكتون على الفور. اليوم، لديهم نفس حق الكلام كجائزة نوبل”. إلا أننا لا نسمع جوائز نوبل. بل نرى أقل من ذلك. خاصة في هذا السوق الرخيص من الأخطاء والأكاذيب التي تم تشييدها ككشوفات كبيرة من قبل الجميع لأنه اليوم أصبح من المعروف أنه يكفي أن يكون لديك لوحة مفاتيح وجهاز ذكي وأن تغرق الويب بالكثير من الهراء والأخطاء وغيرها من الأناشيد المغلفة بكل التوابل. سواء كان الأمر يتعلق بفضيحة دولية، أو حرب، أو سقوط بارون المخدرات مثل الذي يطلق عليه الإعلام ٱسم “إسكوبار الصحراء” والذي أعلن عن محاولة ٱغتياله. بينما هذا كذبة صرفة، صنعت من الألف إلى الياء بواسطة بعض الأفراد الذين وجدوا في هذا النوع من الأنشطة وقت فراغ يمكن أن يسبب الكثير من الأضرار، حيث أن الغالبية العظمى من الذين يتصفحون ويتابعون ويعلقون على هذا النوع من المعلومات، هم في الوقت نفسه ساذجون ولديهم ميل مزعج لنشر أي شيء يفضلونه.

بالأخص عندما يعتبر الجميع نفسه “صحفي”، “مؤثر”، “مطلق تنبيه”، بينما ليس لدى البعض  حتى أساسيات مهنة الصحافة، مع كل ما يتضمنه ذلك من خبرة، ومعرفة بواقع المجتمع الذي نعيش فيه وخاصة قواعد الصحافة الأساسية اللائقة.

في غياب كل هذه الأساسيات، من الواضح أن أي شخص يمكنه الكتابة، النشر والتوزيع وأي شيء. لدينا الآلاف من الأمثلة على الأخبار الكاذبة حول تورط مسؤولي الدولة في قضايا فاسدة مختلقة على الرغبة، أسماء الوزراء الذين تورطوا في ملفات لا توجد حتى، من هذا وذاك الذي تم منعه من مغادرة الأراضي والذي سحبت منه السلطات جواز السفر، من آخر قام بمحاولة للٱنتحار للهروب من العدالة، من موت فنان معين، من طلاق آخر، من فرار ثالث… كل ذلك في ٱنحراف مرضي نحو الفضول الأكثر قذارة، مع تفضيل معلن ومقبول لكل ما هو رديء وجرمي.

مشهد متواضع لبعض الصحافة التي تظهر على الشاشة في هذه الشبكات الٱجتماعية التي، على الرغم من جميع الجهود التي بذلتها السلطات القضائية للتخفيف من تأثيرها، لا تزال تنتشر دائمًا وبشكل مستمر، مع المزيد والمزيد من الأقاويل والشائعات في نزوة ترتبط بالقيل والقال الذي تعشقه الصحافة الصفراء. إلا أن نشر المعلومات الكاذبة، ونقل الأخبار الزائفة، له تأثيرات على غالبية كبيرة من المغاربة الذين يتصفحون هواتفهم بٱستمرار ويشاركون وينشرون في هذه الشبكة العنكبوتية الكثير من الحقائق الكاذبة بحيث يصبح من المستحيل فصل الحقيقة عن الكذب اليوم. كل شخص يدعي أن لديه “مصدر”، أو “سكوب”، أو “كشف” لإثارة الإعجاب وضمان أكبر عدد من المتابعين في مشهد يصبح أكثر سخرية وخداعًا. لأنه، عندما تتداول الشائعة، فإنها تكبر ومن سيتوقف عنها أو يخفف من الأذى، بعد الفعل! الضرر قد حدث. تمامًا مثلما يتم تقديم ما يعتبر حقيقة ليس كذلك، ولكن لديه جميع الخطوط العريضة والأطلال.

وهنا حيث يكون الصحفي الحقيقي، الذي يعتز بالمعلومات وصحتها كما لو كانت تحفة مقدسة، يجد نفسه في وسط حشد من ‘المتصوتين’. هؤلاء الأخيرين يلوثون الساحة العامة بكومة من القمامة والخبث، ملقين غطاءا غامضا على هذه المهمة الدقيقة جدا لوسائل الإعلام التي يجب أن تقوم أولا بإعلام والتأكد من أن ما يقدمونه ليس مجرد هواء. كما هو الحال اليوم حيث ٱحتلت وسائل التواصل الٱجتماعي كل المجال الذي يجب أن يكون للصحافة، والصحافة الحقيقية والإعلام الذي يقيس إلى أي مدى ما ينشرونه له تأثيرات عميقة وخطيرة.