اقتصادكم - أسامة الداودي
يعكس الموقف الدولي المتقدم من المبادرة المغربية للحكم الذاتي قناعة عالمية بجدية المقاربة المغربية، مما يفتح آفاقاً رحبة أمام التنمية الاقتصادية والبشرية في الأقاليم الجنوبية، ويعزز مكانتها الاستراتيجية في المنطقة.
وفي هذا الصدد، أبرز المحلل الاقتصادي، عمر الكتاني، أن قرار مجلس الأمن الأخير يعزز الثقة الدولية في استقرار الأقاليم الجنوبية، مما يشكل دافعا قوياً لجذب الشركات الأجنبية للاستثمار في مجالات الطاقة، اللوجستيك، والسياحة.
وتابع عمر الكتاني، في تصريح لموقع "اقتصادكم"، أن هذا الاستقرار يُسهم في تحويل المنطقة إلى منصة اقتصادية استراتيجية قادرة على استقطاب رؤوس الأموال وتطوير البنية التحتية بشكل مستدام.
تفوق المصالح الاقتصادية على الأيديولوجيات في المنطقة
واعتبر عمر الكتاني أن المغرب يعمل وفق مقاربة تعتمد على المصالح الاقتصادية والاستقرار، مشيرا إلى أن "العالم اليوم يتجه نحو تجاوز النزاعات الأيديولوجية لصالح المصالح المشتركة، بما يفتح المجال أمام تنمية اقتصادية وإعادة توجيه الموارد نحو البنية التحتية والتجارة، بدل الإنفاق على الأسلحة والصراعات الإقليمية".
فرص التعاون والتنمية الإقليمية في إطار رابح-رابح
وأكد المحلل الاقتصادي أن استقرار الأقاليم الجنوبية يحقق مكاسب استراتيجية لكل الأطراف، فالمغرب والاقتصاد العربي المتوسطي يستفيدون من تعزيز التعاون، فيما تضمن أوروبا استمرار الأسواق المغاربية كمنافذ للتجارة والصادرات، وتستفيد إفريقيا من الربط بين شمال ووسط القارة.
وأوضح الكتاني أن "الجنوب المغربي بات يُنظر إليه كمنطقة غنية بالموارد الطبيعية، والشواطئ، والأسماك، بالإضافة إلى دوره كحلقة وصل استراتيجية مع وسط إفريقيا" على حد تعبيره.
الأهمية الاقتصادية والجيوستراتيجية للأقاليم الجنوبية
وبخصوص الموقع الجيوستراتيجي، أشار الكتاني إلى أن الجنوب المغربي أصبح يمثل نقطة وصل مهمة تربط شمال إفريقيا بوسطها، بما يتيح فرصاً لتبادل تجاري واسع مع دول مثل مالي، النيجر، وبوركينا فاسو.
وأضاف أن هذا الوضع يعزز مكانة المغرب اقتصادياً وسياسياً، ويوفر قنوات جديدة للتعاون التجاري والاستثماري بين المغرب ودول إفريقيا الوسطى، بعيداً عن النزاعات السابقة التي كانت مبنية على صراعات قبلية وقومية.
تسريع المشاريع الكبرى عبر الدعم الدولي للمبادرة المغربية
كما أبرز المحلل الاقتصادي أن الموقف الدولي الداعم لمبادرة الحكم الذاتي المغربية يساهم بشكل كبير في تسريع تنفيذ المشاريع الكبرى ضمن النموذج التنموي الجديد للأقاليم الجنوبية.
وأوضح أن هذه المشاريع لم تقتصر على تحسين البنية التحتية، بل شملت تطوير المدن وتحويل القرى إلى مراكز حضرية حديثة توفر فرص العمل والخدمات، بما يشجع السكان من مختلف مناطق المملكة على الانتقال والمشاركة في الأنشطة الاقتصادية.
وبالنسبة لمدى تأثير هذه التحولات على الاقتصاد المحلي، أورد الكتاني أن تحويل السمارة والعيون والداخلة إلى مدن كبرى أسهم في خلق دينامية عمرانية واسعة، ورفع مستوى النشاط الاقتصادي، وخلق فرص عمل كثيرة
كما ذكر أن هذه التحولات ساعدت على إقامة مراكز حضرية متكاملة، مما جعلها نقطة انطلاق للاقتصاد المغربي نحو إفريقيا والاقتصاد الغربي.
تشجيع القنصليات الأجنبية وتعزيز التعاون الدولي
وأشار الكتاني إلى أن هذه المدن جذبت اهتمام دول مثل الولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية، التي قررت فتح قنصليات في هذه المناطق، التي توفر فرصاً للتعاون الدولي، ولتعزيز النفوذ الاقتصادي والسياسي للمغرب في القارة الإفريقية.
وأبرز الكتاني أن ذلك يتيح للمنطقة أن تصبح منصة استراتيجية للتبادل التجاري والتعاون الاقتصادي في إطار مستدام.