الدولة تراهن على جيوب المدخنين أكثر من أرباح الفوسفاط

التحليل والرأي - 22-10-2022

الدولة تراهن على جيوب المدخنين أكثر من أرباح الفوسفاط

اقتصادكم

 

أظهرت وثيقة مشروع قانون المالية 2023، توجها جديدا في تدبير الميزانية العامة، خصوصا ما يتعلق ببرمجة الموارد والمداخيل، في ظل ظرفية اقتصادية صعبة يعيشها المغرب، متأثرا بتداعيات جائحة كورونا، وتقلبات الأسواق العالمية، بسبب الحروب الروسية الأوكرانية الجارية.

اختارت حكومة عزيز أخنوش، الرهان خلال مشروعها المالي الجديد على المصادر الجبائية الثابتة، خصوصا الرسوم على الاستهلاك، لغاية ضمان تمويلات مهمة ومستقرة، وتجنب اضطرابات التحصيل. يتعلق الأـمر خصوصا بزيادة تضريب المنتوجات الأكثر استهلاكا من قبل المغاربة، على رأسها السجائر، التي برمجت استخلاص ما قيمته 12 مليارا و500 مليون و20 ألف درهم، أي 1250 مليار و20 مليون ستتيم، عبر الرسم الداخلي على استهلاك التبغ المصنع خلال السنة المقبلة.

هذا المورد الجبائي يخالف توقعات جميع المغاربة، الذين يرون في الفوسفاط أكبر ثروة ومصدر للدخل القومي بالمملكة، فيما تظهر لغة الأرقام، التي لا تدع للشك مجالا، أن قيمة ما تم برمجته من مداخيل للميزانية في 2023، عن أرباح المجمع الشريف للفوسفاط، لا يتجاوز 10 ملايير و160 مليون درهم، أي 1016 مليار سنتيم، وبالتالي فالفرق في الموارد الجبائية بين استهلاك السجائر وأرباح الفوسفاط يصل إلى 2 ملايير و340 مليون و20 ألف درهم، أي أزيد من 234 مليار سنتيم.

هذا الفرق في المداخيل المبرمجة يجد تبريره في توجه الحكومة الجديد، الذي وضع الأزمة الاقتصادية العالمية وتقلبات الأسواق الدولية أمامه، من أجل تغليب الواقعية عند التعامل مع الصدمات غير المتوقعة، إذ اختار واضعوا مشروع القانون المالي الجديد الاعتماد على مداخيل ضريبية تتسم بالصلابة والمقاومة، لغاية توفير تمويلات ثابتة للمشاريع الكبرى، خصوصا تلك التي تعتبر موضوع التزام قبلي، مثل ورش تعميم التغطية الاجتماعية.

وفي السياق ذاته، تشير مذكرة تقديم مشروع قانون المالية لسنة 2023، إلى أن الحاجيات المتبقية للتمويل بالنسبة إلى المشروع المذكور بلغت أزيد من 64 مليار درهم، أي 6400 مليار سنتيم، مقابل 59 مليار درهم في سنة 2022، أي بارتفاع نسبته 8.43 %، ما يظهر تزايد عجز تمويل الميزانية العامة، وهذا ناتج عن تكاليف (600,47 مليار درهم) تفوق الموارد (536,43 مليار درهم)، ليستقر رصيد ميزانية الدولة (باستثناء ناتج القروض واهتلاك الدين العمومي على المدى المتوسط والطويل) بلغ حوالي 114,83 مليار درهم في سنة 2023.

وبالعودة إلى وثيقة المشروع المالي الجديد، يتكرس توجه الحكومة بالاعتماد على الرسوم الثابتة عن المنتوجات الأكثر استهلاكا، من خلال رفع قيمة ما برمجت تحصيله خلال السنة المقبلة، عن استهلاك الخمور والجعة. يتعلق الأمر برهان على استخلاص مداخيل ضريبية بقيمة إجمالية تصل إلى مليار و969 مليونا و502 آلاف درهم، أي 196 مليارا و950 مليون و200 ألف سنتيم، خلال السنة المقبلة، من خلال الضريية الداخلية على استهلاك الخمور والكحول، وكذا أنواع الجعة.

وتضمن مشروع قانون المالية 2023 في هذا الباب، برمجت مداخيل عن الضريبة الداخلية على استهلاك الخمور والكحول، تصل قيمتها إلى 859 مليونا و215 ألف درهم، أي 85 مليارا و921 مليون و500 ألف سنتيم، فيما قفزت قيمة الموارد التي تراهن الحكومة على تحصيلها عن استهلاك الجعة فقط إلى مليار و110 ملايين و287 ألف درهم، أي 111 مليارا و28 مليون و700 ألف سنتيم.