اقتصادكم

تركيا في مواجهة "نفور" سياحي عربي غير مسبوق، فهل يستغل المغرب الفرصة؟. سؤال ما فتئ يتردد بين أوساط مهنيي السياحة المغاربة، الذي يعيشون هذه الأيام على ثمار حملة الترويج الاستثنائية للوجهة المغربية، خلال مشاركة أسود الأطلس التاريخية في مونديال قطر 2022. يتعلق الأمر حسب أغلبهم، بفرصة لن تعوض في ترسيخ مكانة "الضيافة" المغربية كأداة تنافسية لا تضاهى في منطقة حوض البحر الأبيض المتوسط.

لا بد أن مساعي الحكومة التركية فشلت هذه السنة في تحقيق هدفها باستقطاب 50 مليون سائح، بعدما تعرضت لمقاطعة واسعة من السياح العرب خلال هذا الصيف، بعلاقة مع حوادث "عنصرية" ضد العرب وغياب الترحاب والضيافة "دي هوسبتاليتي"، أحد عوامل الجذب السياحي المهمة، بالسائح العربي في أغلب المناطق التركية، علما أن هذه الفئة من السياح الأجانب تعتبر الأكثر إنفاقا، لاستفادتها من منتوجات متنوعة، مثل السياحة العلاجية والطبية والدينية، وكذا الترفيهية.

وإذا كانت خارطة الطريق الاستراتيجية السياحية الوطنية 2023- 2026، تستهدف استقطاب 17,5 مليون سائح، وتحقيق 120 مليار درهم من المداخيل من العملة الصعبة، وإحداث 80 ألف فرصة شغل مباشرة و120 ألف فرصة شغل غير مباشرة، فالفرصة مواتية أكثر من أي وقت مضى، من خلال التركيز على السوق السياحية العربية، تحديدا الخليجية، التي تتوفر على إمكانيات واعدة، استغلت على مدى عقود من قبل تركيا ودول جنوب شرق آسيا.

وبهذا الخصوص، يتحدث مراد الرياحي، وكيل أسفار في الدار البيضاء، في تصريح لـ"اقتصادكم"، عن أهمية السياح العرب بالنسبة إلى السياحة الوطنية خلال الفترة الحالية، موضحا أنهم الأقل تضررا من التضخم ومستوى إنفاقهم عال مقارنة بالسياح الأوربيين، الباحثين حاليا عن أرخض الوجهات وأقربها إلى بلدانهم، في ظل منافسة شرسة من قبل العرض الإسباني، الذي فطن إلى تغيرات السوق، ووفر عروضا سياحية منخفضة التكلفة لمجاراة السياق التضخمي الحالي.

استغلال الفرصة أمام منافس مثل تركيا ليس بالأمر السهل في ظل هذا السياق الدولي الصعبة، فوفقا لبارومتر السياحة العالمية الصادر عن منظمة السياحة العالمية، انخفض عدد الوافدين عالميا بنسبة 20 % في الفصل من 2023 مقارنة بـ 2019.

وباستثناء الشرق الأوسط، الذي شهد ارتفعا بنسبة 15 %، ما زالت جميع مناطق العالم تسجل انخفاضا مضاعفا في الأرقام، يدل على صعوبة استرجاع عدد الوافدين في ساحة عالمية تتزايد فيها المنافسة (- 10% لأوروبا، - 46 % لآسيا، - 14 % لأمريكا، - 12 % لأفريقيا…).

وكشف تصنيف "فوربس"، أن قطاع السياحة على مستوى العالم استعاد 63% من مستويات ما قبل الجائحة في 2022، وفقًا لتقرير منظمة السياحة العالمية. في حين ارتفع عدد الزوار الوافدين لمنطقة الشرق الأوسط إلى 83% مقارنة بما قبل الجائحة.

بالنسبة إلى المغرب وآلته الترويجية (المكتب الوطني المغربي للسياحة) يظل الأمر معقدا قليلا، فالسوق العربية والخليجية تحديدا، ليست ذات أولوية بالنسبة إلى المكتب، وحملته التعريفية بالوجهة السياحية المغربية (المغرب أرض الأنوار)، التي لم تحط الرحال في أي عاصمة أو مدينة خليجية، في سياق رؤية شمولية لهذه الأسواق باعتبارها مصدر للمستثمرين والتعاون الاقتصادي والمالي، وليست منجما لسياح بقدرات إنفاقيه عالية.

يظل مشكل آخر أمام المغرب في سياق بناء قدرة تنافسية تتيح له استغلال مثل هذه الفرص في السوق السياحية الدولية، يتعلق أساسان بضرورة تنويع العرض السياحي المغربي، والانتقال من الترفيه إلى السياحة العلاجية والطبية والتاريخية والدينية، وكذا سياحة التسوق وغيرها من المنتوجات، التي من شأنها أن توفر عامل جذب قوي، موازاة مع المحافظة على تنافسية التكلفة، التي بإمكانها تعزيز موقع المملكة بين كبريات الوجهات السياحية في حوض البحر الأبيض المتوسط.