"النوار" يربك إصلاح دعم السكن الاجتماعي

التحليل والرأي - 08-10-2022

"النوار" يربك إصلاح دعم السكن الاجتماعي

اقتصادكم

في الوقت الذي تسابق الحكومة الزمن، من أجل إصلاح الدعم الموجه إلى السكن الاجتماعي، وتحويله بشكل مباشر إلى الملاك الجدد، فرضت ظاهرة "النوار" حضورها في النقاشات الجارية بين ممثلي المالية الحكوميين والمنعشين العقاريين، في سياق الإعداد للتدابير الجبائية الخاصة بمشروع قانون المالية 2023.

لمن لا يعرف ظاهرة "النوار"، فهي حيلة يلجأ إليها بعض المنعشين العقاريين من أجل الحصول على مبالغ مالية نقدية إضافية، على مبلغ البيع المصرح به إلى إدارة الضرائب. وحتى في السكن الاجتماعي محدد السعر في 250 ألف درهم، أي 25 مليون سنتيم، يتم تحصيل مبالغ إضافية من المشترين دون التصريح بها، قبل أن يهتدوا إلى صيغ جديدة من العقود الموثقة، تبرر هذه المبالغ في شكل "تكاليف إصلاح إضافية". 

مجلس المنافسة انتقد في تقرير سابق، استمرار توجيه الإعانات المالية والضريبية إلى القطاع العقاري، الذي استفاد من 50 إجراء ضريبيا خلال 30 سنة الماضية، إذ لم تساهم الإعانات المذكورة في خفض أسعار المنتوجات العقارية، التي سجلت ارتفاعا سنويا تراوح بين 10 % و25، بل على العكس من ذلك، راكمت إعانات الدولة هامش أرباح المنعشين العقاريين، التي تراوحت بين 30 % و100، وهي نسبة عالية مقارنة مع الدول المجاورة، التي لا يتجاوز فيها هامش الربح نسبة 6 % إلى 1.

ونبهت دراسة للمجلس، إلى تأثير ظاهرة الأثمان السوداء أو "النوار" في رفع أسعار العقارات وتعزيز المضاربة، إذ عزت تفشيها في المعاملات العقارية إلى التعقيدات المتعلقة بالجانب الضريبي، الأمر الذي دفع الفاعلين الذاتيين والمعنويين إلى التصريح بأسعار أقل من تلك التي يدفعها الزبناء في الحقيقة، ذلك أن 90 % من المقاولين العقاريين يلجؤون إلى هذه الصيغة من المعاملات، وبالتالي فإن 75 % من معاملاتهم تظل غير حقيقية.

 هذه المعطيات والأرقام الخطيرة الواردة في تقرير المنافسة، تكشف عن حجم توغل ظاهرة "النوار" في نسيج القطاع العقاري، وقيمة المبالغ التي لا تستفيد الدولة من عائداتها الجبائية، ما يفرض وضع آليات مراقبة، مرافقة لإجراء توجيه الدعم المباشر إلى الملاك الجدد للسكن الاجتماعي ضمن مشروع القانون المالي 2023، خصوصا بعدما أجمع المنعشون العقاريون خلال مفاوضاتهم مع الحكومة على ضرورة رفع سعر السكن الاجتماعي إلى 330 ألف درهم، أي 33 مليون سنتيم.