بين "السميك" والتضخم ضاعت القدرة الشرائية

التحليل والرأي - 02-11-2022

بين "السميك" والتضخم ضاعت القدرة الشرائية

اقتصادكم

 

لا حديث هذه الأيام إلا عن موجة الغلاء التي لم تستثني أي سلعة أو خدمة، وأرهقت كاهل أسر ما زالت تجر خيبات كورونا وتداعياتها السلبية على قدراتهم الشرائية، ولا أدل على ذلك من الأرقام الأخيرة الصادرة عن المندوبية السامية للتخطيط، التي أفادت تصريح 52,9% من الأسر، مقابل 5,2% بتدهور وضعيتها المالية خلال 12 شهرا الماضية، ليظل هذا التصور سلبيا، إذ بلغ ناقص47,7 نقطة.

الغلاء مثل الوباء لم يستثني فقيرا أو غنيا، وطالت نيرانه الجيوب باختلاف حجمها، لتطفوا على السطح مجموعة من المفارقات، أهمها تزامن الزيادة في الحد الأدنى للأجر منذ بداية شتنبر الماضي، في مرحلة أولى، بنسبة 5 %، مع تطور مستوى التضخم، ليصل إلى 6 %، وفق ما جاء على لسان فوزي لقجع، الوزير المنتدب لدى وزيرة الاقتصاد والمالية، المكلف بالميزانية، خلال لقاء نظمه فريق حزب الاتحاد الاشتراكي بالبرلمان، بالمقر المركزي للحزب، مساء أمس الثلاثاء بالرباط.

النسب المشار إليها، تكشف في قراءة سطحية أن نسبة التضخم تتجاوز نسبة الزيادة في "السميك"، والأجدى أن يتم تقييم الزيادة في الحد الأدنى للأجر وفق القيمة الفعلية للدرهم، وتجاوز القيمة الاسمية، أي قدرة العملة على تمويل اقتناء السلع الاستهلاكية بأسعارها الحالية، التي عرفت زيادات مهمة أخيرا، ذلك أن عدد المشتريات التي كان يؤدى ثمنها بـ100 درهم مثلا خلال وقت سابق، لن يكفي هذا المبلغ لاقتنائها حاليا، وبالتالي فالتضخم قضى على أي تأثير إيجابي للزيادة في "السميك".

وتشير جميع التوقعات إلى تفاقم مستويات التضخم خلال الفترة المقبلة، بعد قرار البنك المركزي الأوربي زيادة سعر الفائدة، وكذلك البنك الفدرالي الأمريكي، الذي عبر عن نيته في الزيادة أيضا، ما يرجح احتمال استباق بنك المغرب مجلسه الإداري العادي، بعقد آخر استثنائي للتقرير في رفع مستعجل لسعر الفائدة، في مواجهة تطور التضخم، الذي أنهك القدرة الشرائية للمواطنين.