اقتصادكم
قال محمد جدري، الباحث والمحلل الاقتصادي، إن "سيناريو تحرير سعر صرف الدرهم غير وارد خلال الفترة الحالية، رغم التصريحات والتوصيات الصادرة بين الفينة والأخرى من قبل صندوق النقد والبنك الدوليين، بشأن قدرة المغرب على الانتقال إلى هذه الخطوة"، موضحا أن القيام بها يمكن أن يتسبب في كارثة اقتصادية يصعب احتوائها، مستدلا بالوضع في مصر، وتركيا التي رفعت عن دعمها عن الليرة أخيرا.
هذا التوجه يتسق مع ما قاله عبد الطيف الجواهري، والي بنك المغرب، أخيرا، بخصوص تحرير سعر صرف الدرهم، إذ أكد أن مهمة صندوق النقد الدولي في نونبر الماضي لم تتضمن في تقاريرها أي ملاحظة أو توصية بهذا الشأن، فيما علق على تصريح لمديرة صندوق النقد الدولي، أكدت فيه أن تنامي الصادرات المغربية إلى الخارج، يمثل فرصة للانتقال نحو مرحلة أخرى في تحرير صرف الدرهم، بالقول، إنها "لم تخبره بأي شيء حول هذا الموضوع".
وأضاف والي بنك المغرب، أن السياق الاقتصادي الحالي الذي يتسم بعدم اليقين، وارتفاع مستويات التضخم، يجعل من المستحيل التفكير في أي قرار لتحرير سعر صرف الدرهم.
بالنسبة إلى التعلل بالسياق الاقتصادي الحالي فله ما يبرره، حسب الباحث والمحلل الاقتصادي، الذي أدلى لـ"اقتصادكم" بتوضيحات مهمة في هذا الشأن، همت خصوصا مستويات التضخم العالية، التي كانت فيما مضى نقطة قوة بالنسبة إلى الاقتصاد المغربي، الذي كان يسيطر عليها في معدل يتأرجح بين 2 % و3، إضافة إلى استمرار ضعف مستوى تغطية الصادرات للواردات، إذ لا تتجاوز 61 %، في الوقت الذي يفترض أن تصل إلى 80 %، ما يمثل فرقا بـ20 % يتعين إدراكه.
وبالعودة سنوات إلى الوراء، واستحضار خصوصية الاقتصاد المغربي والسياسة النقدية العقلانية للمملكة، نجد أن مسلسل تحرير سعر صرف الدرهم، أو "تعويم الدرهم" في مصطلح دارج، انطلق منذ 2016، بمعدل 0.5 % صعودا ونزولا، قبل الانتقال إلى 2.5 %، ثم 5 % حاليا. هذه الطريق الذي تم التخطيط لعبوره خلال 15 سنة، يكشف أن التحرير أمر محتم لا مفر منه، إلا أنه مستبعد خلال خمس سنوات المقبلة على الأقل.
يعود جدري للتأكيد بهذا الخصوص، على أن التقدم في تحرير سعر صرف الدرهم، يفترض أساسا، التوفر على اقتصاد قوي، وليس هشا كما هو الحال بالنسبة إلى الاقتصاد المصرين إضافة إلى بلوغ مستوى تغطية الصادرات للواردات في حدود 80 % على الأقل، والتقدم في رفع قيمة الاحتياطيات الرسمية من العملة الصعبة، التي تمكنت المملكة من تجاوز سقف 360 مليار لأول مرة في تاريخها.
المحل الاقتصادي شدد على أن تحرير سعر صرف الدرهم هو بمثابة الشجرة التي تخفي غابة من الضغوط، التي يمارسها المستثمرون الأجانب من أجل السيطرة على السوق المحلية بسعر صرف يوازي صرف الدولار بالسوق مثلا، الأمر الذي من شأنه التأثير سلبا على مستوى التضخم والأجور والقدرة الشرائية للمواطنين.