رغم الرقمنة ومحاولات الإدماج المالي.. الكاش يتضاعف إلى 414 مليار درهم

التحليل والرأي - 29-05-2025

رغم الرقمنة ومحاولات الإدماج المالي.. الكاش يتضاعف إلى 414 مليار درهم

اقتصادكم - نهاد بجاج


في مؤشر يعكس تحولات عميقة في السلوك المالي للأسر والاقتصاد الوطني بشكل عام، أظهرت بيانات صادرة عن بنك المغرب، أن قيمة النقد المتداول بيد المغاربة تضاعفت خلال السنوات العشر الأخيرة، منتقلة من 192.3 مليار درهم سنة 2015 إلى 414.4 مليار درهم سنة 2024.

وتُظهر الأرقام المتداولة في الإنفوغراف الصادر عن منصة "Bloomberg"، نموًا مطّردًا في حجم الكاش المتداول، رغم التحول الرقمي ومحاولات الإدماج المالي التي عرفتها البلاد.

فقد شهدت الفترة ما بين 2020 و2024، على وجه الخصوص، قفزة نوعية في هذا المؤشر، إذ ارتفع النقد من 300.6 مليار درهم في 2020 إلى 414.4 مليار درهم سنة 2024، أي بزيادة تفوق 38%.

ويطرح هذا الارتفاع المتواصل تساؤلات حول فعالية السياسات الرامية إلى تقليص الاعتماد على الكاش وتعزيز التعاملات الرقمية، خاصة مع تطور خدمات الأداء عبر الهاتف المحمول والبنوك الرقمية.

في تعليقه على تضاعف النقد المتداول بيد المغاربة إلى أكثر من 414 مليار درهم خلال عقد، يعتبر المحلل الاقتصادي محمد جدري، أن هذا التطور يكشف عن استمرار اختلالات بنيوية في الاقتصاد الوطني، وعلى رأسها اتساع قاعدة القطاع غير المهيكل.

وأوضح جدري، في تصريح لموقع "اقتصادكم"، أن الحل يبدأ من دعم هذا القطاع غير المنظم للاندماج في الاقتصاد الرسمي، عبر مجموعة من التحفيزات الضريبية وتوفير مناخ أعمال مشجع، مشيرًا إلى أن مناخ الأعمال الحالي لا يقدم ما يكفي من الضمانات لجعل هذا الانتقال جذابًا للفئات غير المهيكلة.

كما شدد المحلل الاقتصادي، على ضرورة تحفيز المتاجر على اعتماد الأداءات الإلكترونية، وهو ما سيساهم في تقليص حجم المعاملات النقدية، مبرزًا أن ورش الحماية الاجتماعية يعد محفزا أساسيا، لأنه سيمكن عددا كبيرا من المواطنين من الاستفادة من التعويضات العائلية والتغطية الصحية، مما سيدفعهم نحو القطاع المنظم.

وقال جدري، إن تنظيم المغرب لفعاليات كبرى مثل كأس العالم، يستوجب مواكبة رقمية على مستوى الأداءات، فلكي نستفيد من هذه التظاهرات، يجب أن يصبح الأداء الإلكتروني هو القاعدة، سواء عبر التطبيقات أو المنصات الرقمية التجارية.

لكن رغم هذه الحاجيات، يرى جدري أن المغرب لا يزال بعيدا عن هذا النموذج، مشيرا إلى أن الرواج الكبير للكاش يضعف الاقتصاد الوطني، سواء في قدرته على إحداث القيمة المضافة، أو في توفير فرص الشغل اللائق، حيث لا يضمن القطاع غير المهيكل ظروف عمل مناسبة للعاملين فيه.