"ضريبة استثنائية" على أرباح شركات المحروقات.. أسباب الرفض الحكومي

التحليل والرأي - 26-10-2022

"ضريبة استثنائية" على أرباح شركات المحروقات.. أسباب الرفض الحكومي

اقتصادكم

 

من يقترح "ضريبة استثنائية" على أرباح شركات المحروقات، لا ينطلق من أرضية علمية راسخة، وإنما من خلفية يغلب عليها منطق المزايدات السياسية، ذلك أن فلسفة الضريبة لا ترتكز عند فرض الضرائب على أنشطة أو أحداث ظرفية أو غير مستقرة، بل تقوم على مراعاة مبادئ الثبات والاستدامة، وبالتالي فإذا كانت هذه الشركات حققت أرباحا "خيالية" كما يصف البعض، فإنها استفادت من ظرفية اقتصادية عالمية غير مستقرة، بعد اندلاع الحرب الروسية- الأوكرانية، واضطراب الامدادات الدولية بالنفط.

فوزي لقجع، الوزير المنتدب لدى وزارة الاقتصاد والمالية، المكلف بالميزانية، حسم الجدل، خلال ندوة تقديم مشروع قانون المالية، وقال بالحرف، إنه "لن يتم تطبق أي ضريبة استثنائية أو خاصة على الأرباح الزائدة لشركات المحروقات"، معللا هذا التوجه بعدم "إمكانية تتبع رقم معاملات هذه الشركات من سنة إلى أخرى، بالنظر إلى أن هذه الشركات لو حققت ربحا خلال سنة ما، وطبقت عليها نسبة معينة من الضريبة، فما العمل إذا لم تحقق ربحا في السنة الموالية؟، ولهذا لا يمكن تتبع الشركات بهذه الطريقة".

هذا التوجه يجدد ما يبرره في فلسفة الضريبة التي تحدثنا عنها، وفي صورة بسيطة أيضا، تلخص الفكرة، تتمثل في أن شركات المحروقات بالمغرب، لم ولن تتعرض للخسارة، إذ تستورد وتوزع وتبيع منتوجا حيويا، له زبناء ثابتين ومستقرين، ليظل ربحها متأرجحا بين الارتفاع والانخفاض، حسب وتيرة الاستهلاك. يتعلق الأمر بتجارة لا تبور، إلا أن تنظيمها ما زال محل جدل، منذ رفع الدعم عن المحروقات وتحرير أسعارها، وهو الأمر الذي أشار إليه مجلس المنافسة في تقريره الأخير.

وبهذا الخصوص، أشار تقرير المنافسة إلى غياب شبه كلي لأي منافسة بين الموزعين حول الأسعار، موضحا أن سوق "الكازوال" والبنزين تشهد تركيزا مهما، رغم دخول فاعلين جدد إلى السوق، بوتيرة دخول واحد كل سنة، معتبرا أن هذا الوضع لم يفلح في إحداث دينامية جديدة، تخدم التنافسية في السوق.

وسلط المجلس الضوء في رأيه، على مستوى المردودية المالية العالية في القطاع، مشددا على أن النشاط يتيح ربحا مهما، بما لا يحفز التنافسية بين الفاعلين، خصوصا أنهم يحققون إنجازات مالية إيجابية، كيفما كانت الظرفية، أو عدد العمليات التجارية، منبها في السياق ذاته، إلى شبه ركود على مستوى حصص السوق، إذ يبحث كل فاعل عن زيادة هوامش ربحه، بدل تطوير حصته في السوق.

هذه المعطيات لا تدع مجالا للشك حول حقيقة غياب التنافسية في قطاع المحروقات المغربي بسبب الأرباح المضمونة، ما يستدعي إصلاحا مهما، يتجاوز فرض "ضريبة استثنائية" على الأرباح أو رقم المعاملات، فالظرفية الاقتصادية العالمية مهما طالت إلى زوال، لتظل مشاكل السوق الوطنية وضعية المستهلك ثابتة دون تغيير، في انتظار حلول مناسبة.