هذه مخاطر رفع سعر الفائدة الرئيسي على الاقتصاد الوطني

التحليل والرأي - 25-09-2023

هذه مخاطر رفع سعر الفائدة الرئيسي على الاقتصاد الوطني

اقتصادكم

 

 

اتفقت مختلف التوقعات الصادرة عن مراكز أبحاث ومحللين اقتصاديين على سيناريو إبقاء بنك المغرب المركزي سعر الفائدة الرئيسي عند 3%، خلال اجتماع مجلسه المرتقب غدا الثلاثاء.

وكان بنك المغرب لجأ لتشديد سياسته النقدية منذ شتنبر من السنة الماضية، برفع سعر الفائدة ثلاث مرات لكبح أكبر موجة تضخم شهدها المغرب منذ تسعينيات القرن الماضي، وقرر التوقف مؤقتاً في يونيو لتمرير الزيادات إلى السوق.

ورهان المغرب على كبح التضخم تحقق نسبياً، فبعدما بلغ ذروته في فبراير الماضي بنسبة 10.1%، سجل تباطؤاً لخمسة أشهر متتالية حتى يوليو حين وصل إلى 4.9%، قبل أن تتسارع وتيرته قليلاً إلى 5% في أغسطس. بعدما كان سجل متوسط التضخم 6.6% خلال 2022، مقابل 1.5% في العقدين الماضيين.

ويرى يوسف كراوي فيلالي، رئيس المركز المغربي للحكامة والتسيير، أن لا شيء يستدعي زيادة سعر الفائدة، وقال في تصريح لـ"بلومبرغ الشرق": "الأسعار ما زالت مرتفعة، لكن ليست هناك موجة تضخمية كبيرة تستدعي تشديد السياسة النقدية، لذلك من المرجح أن يتم الإبقاء على السعر الحالي حتى نهاية السنة".

وإلى جانب السياسة النقدية المتشددة؛ دعمت الحكومة المغربية القدرة الشرائية للمواطنين من خلال ضخ الأموال في صندوق المقاصة الذي يدعم أسعار السكر والدقيق وغاز البوتان، كما أقرّت دعماً مالياً استثنائياً للعاملين في قطاع نقل المسافرين والبضائع لمواجهة ارتفاع أسعار المحروقات.

ويتفق الخبير الاقتصادي إدريس الفينة، رئيس المركز المستقل للتحليلات الاستراتيجية، مع سيناريو الإبقاء على الفائدة دون تغيير، وأرجع ذلك إلى تباطؤ معدل التضخم منذ بداية السنة الجارية، وحذر في تصريح لـ"بلومبرغ الشرق" من سيناريو الرفع، معتبراً أن "ذلك سيؤثر أكثر على الاقتصاد الذي ما زال يعاني من عدة تحديات".

توقع إبقاء الفائدة دون تغيير ورد أيضاً ضمن نتائج الاستطلاع الدوري الذي أجراه المركز التجاري للأبحاث (Attijari Global Research) لدى 35 كياناً مالياً الأكثر تأثيراً في السوق المغربية، حيث أجمعوا بنسبة 96% على سيناريو إبقاء سعر الفائدة الرئيسي دون تغيير، فيما كانت نسبة من رجحوا الزيادة بنسبة 25 نقطة أساس في حدود 3%، أما الباقي؛ فيراهنون على سيناريو خفض السعر.

مكتب الأبحاث والتحليلات المالية "بي إم سي إي كابيتال غلوبال ريسيرش" (BMCE Capital Global Research) أشار في تقرير أصدره هذا الأسبوع إلى أن "القرارات التي سيتم اتخاذها خلال اجتماع المركزي لن تكون مدفوعةً هذه المرة بالاعتبارات الاقتصادية والنقدية فقط، حيث سيكون عليه الأخذ بعين الاعتبار الوضع الوطني الجديد الناتج عن الزلزال المدمر الذي وقع في 8 سبتمبر، الذي لم يتم تحديد مدى آثاره بشكل واضح بعد".

وخصصت السلطات برنامجاً بميزانية تُناهز 120 مليار درهم لإعادة إعمار المناطق المتضررة من الزلزال الذي ضرب وسط البلاد، وكان الأعنف منذ أكثر من قرن، إذ أودى بحياة قرابة 3 آلاف شخص.

التقرير الصادر عن مكتب الأبحاث نوّه بأن "بنك المغرب سيحافظ على سياسة نقدية تيسيرية من خلال إبقاء سعر الفائدة الرئيسي دون تغيير، مع الأخذ بعين الاعتبار الأموال التي ستحشدها السلطات الحكومية من أجل مساعدة السكان المتضررين وتمويل إعادة إعمار المناطق المدمرة".

ولم تصدر بعد أي أرقام رسمية حول حجم الخسائر الاقتصادية للزلزال، لكن الحكومة قدّرت أن المنازل المتضررة، بشكل كلّي أو جزئي، وصلت إلى حوالي 50 ألفاً. ومن المرتقب أن يشمل برنامج إعادة الإعمار في المرحلة الأولى 6 مناطق متضررة يقطنها حوالي 4.2 مليون نسمة.

ويرجح مكتب الأبحاث والتحليلات المالية "بي إم سي إي كابيتال غلوبال ريسيرش" أن يقوم بنك المغرب المركزي بخفض جديد لتوقعات النمو الاقتصادي إلى ما دون 2.4% المتوقع في يونيو، آخذاً بعين الاعتبار آثار الزلزال على النشاط الاقتصادي في المملكة.

وتتوقع الحكومة 3.4% كمعدل نمو اقتصادي، مقابل 4% المتوقع سابقاً ضمن ميزانية 2023. وتسعى جاهدةً لتخفيف آثار الزلزال على حركة الاقتصاد، عبر مبادرات عدّة من ضمنها استحداث صندوق لجمع التبرعات بلغت حصيلته الأولية أكثر من 9 ملايير درهم، كما توصلت إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي للحصول على قرض بقيمة 1.3 مليار دولار لتعزيز الصمود في مواجهة الكوارث المرتبطة بالمناخ.