اقتصادكم
في الولايات المتحدة الأمريكية، تحتص دائرة الإيرادات الداخلية، المعروفة اختصارا بـ"IRS"، بعملية التحصيل الجبائي لفائدة الخزينة الفدرالية للدولة، وتلاحق الملزمين في سبيل تحقيق هذه الغاية في الأرض والبحر والجو، وتركز في عمليات مراقبتها للمتهربين الجبائيين على جميع المؤشرات الظاهرة والخفية، فهي تتعقبهم حتى عبر حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، وتترصد مقتناياتهم من مجوهرات وسيارات ومنازل فاخرة.
في المغرب، بدأت المديرية العامة للضرائب تفكر في وسيلة فعالة من أجل رصد متملصين من أداء واجباتهم الضريبية، عن طريق متابعة ومراقبة إشارات الثراء (les signes de richesse) مستوى عيش الأشخاص، الذين تحوم حولهم شبهات بعدم التصريح بمداخيلهم الحقيقية. وبهذا الخصوص، تقرر استعمال كل الوسائل من أجل التمكن من رصد المتهربين من أداء المستحقات الضريبية وإجبارهم على أداء ما بذمتهم، خاصة أن الأوراش الاجتماعية التي تعتزم الحكومة تفعيلها تتطلب موارد مالية مهمة تتعين تعبئتها.
وتتوفر المديرية العامة للضرائب على معطيات عديدة تؤكد وجود مواطن للتهرب الضريبي، تتركز، حاليا، المراقبة عليها، خصوصا أن المعطيات المتوفرة لديها، تشير إلى أن نصف أصحاب المهن الحرة لا يصرحون بأي دخل، وأن مساهمة الذين يتقدمون بتصريحات لا تتجاوز مليارا و 878 مليون درهم، ما يمثل 5 % من إجمالي موارد الضريبة على الدخل. كما أن 74 % من الملزمين يصرحون برقم معاملات يقل عن 500 ألف درهم، و65 % من الملزمين يصرحون بدخل مهني صاف يقل عن 50 ألف درهم في السنة.
وبالإضافة إلى ذلك، فإن 70 % من المساهمين في الضريبة على الدخل من المهن الحرة يؤدون مبالغ تقل عن 10 آلاف درهم، في حين أن فئات مماثلة من الأجراء والموظفين تؤدي 82 ألف درهم سنويا. ويصل الفارق بين ما يؤديه أصحاب المهن الحرة من ضرائب والمبالغ التي كان عليهم أداؤها لو لم يتلاعبوا في تصريحاتهم إلى 5 ملايير درهم (500 مليار سنتيم).
وتستهدف العملية الحالية رصد هؤلاء المتهربين وتحصيل هذه المبالغ، التي تضيع على خزينة الدولة بسبب التملص الضريبي، خصوصا أن مواقع التواصل الاجتماعي أصبحت توفر معطيات هامة عن أصحابها، الذين لا يترددون في نشر تفاصيل حياتهم عليها، ما من شأنه أن يمكن مراقبي الضرائب من تقييم صحة التصاريح الجبائية، التي يتقدمون بها لمصالح الضرائب بشأن دخلهم.
ويعتبر أصحاب المهن الحرة أكثر الفئات المستهدفة بهذه العملية، بالنظر إلى أن عددا منهم يصرح بمداخيل تقل بكثير عن طبيعة نشاطهم، مضيفة أن إدارات الضرائب تتوفر على مصادر أخرى للمعلومات لتعميق البحث وتحديد بعض الممتلكات، التي يمكن أن تكون في حوزة الفئات المستهدفة على مواقع التواصل الاجتماعي.
وترتبط المديرية العامة للضرائب باتفاقيات مع إدارات أخرى، مثل الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية، ما يمكنها من الاطلاع على الأصول التي يتوفر عليها المشتبه في تهربهم من أداء الضرائب، إذ أن بعض الملزمين يصرحون بمداخيل لا تتجاوز 10 آلاف درهم في الشهر، في حين أنهم يملكون عقارات بالملايير، ما لا يتناسب مع الدخل المصرح به.