الحرب الاقتصادية.. لهذا تصر الجزائر على اللعب بالغاز!

التحليل والرأي - 28-04-2022

الحرب الاقتصادية.. لهذا تصر الجزائر على اللعب بالغاز!

صورة تعبيرية

اقتصادكم - نورالدين البيار

عادت الجزائر لاستخدام ورقة الغاز الطبيعي مرة أخرى تجاه إسبانيا، ليس من باب الذهاء البيسماركي، ولكن فقط لأن إسبانيا غيرت موقفها تجاه قضية الصحراء المغربية، واعتبرت أن مبادرة الحكم الذاتي هي الحل الأنسب لهذا الملف.

الجزائر أمس هددت بفسخ عقد تصدير الغاز الطبيعي مع إسبانيا في حال توجيه أي كمية منه إلى وجهة غير منصوص عليها في العقد الذي يمتد إلى العام 2030.
 
وقال بيان لوزارة الطاقة والمناجم الجزائرية: إن "أي كمية من الغاز الجزائري المصدرة إلى إسبانيا تكون وجهتها غير تلك المنصوص عليها في العقود ستعتبر إخلالًا بالالتزامات التعاقدية، وقد تفضي بالتالي إلى فسخ العقد الذي يربط سوناطراك بزبائنها الإسبان".
 

وتنهج الجزائر في الأشهر الأخيرة، خططا مريبة ضد مصالح المغرب، توجتها في أكتوبر الماضي بقطع إمداد المغرب بالغاز عبر الخط الأوروبي المغاربي (GME) .

وكانت إسبانيا قبل أسابيع قد قررت منح المغرب البنية التحتية لتمرير الغاز المسال بشكل عكسي نحو المملكة عبر الخط المغاربي الأوربي. وفق ما كشفت آنذاك صحيفة ’’ لاراثون’’.

الصحيفة الإسبانية، كانت قد أشارت إلى أنه لم يتبق إلا تفاصيل صغيرة تفصل الرباط ومدريد عن إبرام اتفاق لنقل الغاز.

 وهي التفاصيل التي تم الانتهاء منها فعليا بحسب ما يتضح من رسالة تيريزا ريبيرا، وزيرة الطاقة الإسبانية إلى نظيرها الجزائرية تخبره أن التدفق العكسي عبر أنبوب الغاز المغاربي-الأوربي، وأن الشروع في هذه العملية سيتم اليوم أو غدًا".

ومعلوم أن الغاز المتجه إلى المغرب، من السوق الدولية، وليس غازا جزائريا، كان المغرب قد اشتراه وبقي عالقا في الميناء منذ 31 أكتوبر.

الصحيفة الإسبانية، قالت يومئذ إن المغرب سيتمكن من استخدام خط أنابيب الغاز المغاربي في الاتجاه المعاكس، من أجل تشغيل محطتي توليد الكهرباء في تهدارت (قرب طنجة) وعين بني مطهر (قرب وجدة)، حيث تغطي المحطتان 10 في المائة من إنتاج الكهرباء في المملكة المغربية. 

ويطرح التحرك الجزائري في الساعات الأخيرة علامات استفهام عدة، خاصة وأن الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون أعلن قبل أيام، أن بلاده لن تقطع الغاز نحو إسبانيا، رغم أنه اعتبر التحول في موقف إسبانيا تجاه قضية الصحراء "غير مقبول أخلاقيا وتاريخيا" على حد تعبيره.

ورأى تبون في لقاء صحفي، أن الجزائر "لها علاقات طيبة مع إسبانيا"، لكن الموقف الأخير لرئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز، الذي يؤيد مغربية الصحراء، "غيّر كل شيء’’.

 فهل قرار وزير الطاقة الجزائري يدخل في هذا ’’الكل شيء’’؟.

الغريب أنه قبيل قطع الجزائر للغاز المتوجه نحو إسبانيا عبر المغرب في أكتوبر الماضي، كانت قد أعطت تطمينات لوزيرة الطاقة الإسبانية، باستمرار تدفق الغاز، ليعود الوزير الجزائري امس ويهدد بقطعه، في تخبط واضح ليس له سوى تفسير واحد، هو اللعب بالغاز من أجل الضغط على المغرب وإسبانيا سياسيا في ملف أكبر من الغاز نفسه.

الجزائر في هذا التوقيت بالذات تسعى لإحراج الاتحاد الأوروبي، من خلال التماهي مع الموقف الروسي، وأزمة الطاقة العالمية، وهو الأمر الذي التقطته إدارة الرئيس جو بايدن، الذي اوفد وزير خارجيته انتوني بلينكن إلى المنطقة قبل أسابيع، في زيارة قادته إلى المغرب والجزائر.

الولايات المتحدة تريد التركيز على منطقة واحدة، في هذه المرحلة هي أوكرانيا، التي حولها الدب الروسي إلى معجنة حقيقية لا يُعرف أولها من آخرها في الأشهر القليلة المقبلة على الأقل.

الجزائر التي يقول رئيسها في اللقاء نفسه الشيء ونقيضه، تحاول اللعب اقتصاديا في ملف سياسي لكنها يبدو قد أخطأت التقدير، لأن إسبانيا عندما اتخذت موقفها من الصحراء لم تكن تلعب بتاتا، بل إنها درسته من كل جوانبه وعلى مدى أزيد من عام من قطع العلاقات والحدود المغلقة مع المغرب، وهي قد انتصرت لمصالحها الاستراتيجية وفق ما أكد خبراء لاقتصادكم سابقا.

لذلك جاء الرد الإسباني واضحا على لسان وزير الخارجية مانويل الباريس، تجاه خرجة الرئيس الجزائري، وقال عبر أثير إذاعة أوندا ثيرو "لن أؤجج خلافات عقيمة، لكن إسبانيا اتخذت قرارًا سياديًا في إطار القانون الدولي وليس هناك شيء آخر يمكن إضافته".

القرار الإسباني تجاه قضية الصحراء هو قرار سيادي، وأحيطت به علما هيئة الأمم المتحدة، ومجلس الأمن والقوى الكبرى، فما على الجزائر في هذه المرحلة سوى أن تبحث عن وسيلة أخرى للعب، لأن الوقت ليس مناسبا للغاز والنار على حد سواء.