تعبيرية
اقتصادكم - نورالدين البيار
هوت سوق العملات الرقمية أمس الخميس بشكل لافت ومخيف، جعل أبرز المتداولين فيها يفقد المليارات في ساعات قليلة، ما خلق هلعا وسط المتداولين في هذه السوق، خاصة أولئك الذين يملكون حقائب بمبالغ ضخمة.
وبعدما كانت مدعاة للتباهي، ومقياسا للذكاء لدى البعض تحولت العملات الرقمية أمس، إلى نكتة، على مواقع التواصل الاجتماعي في مختلف دول العالم.
ورصد اقتصادكم الكثير من النقاشات حول العملات الرقمية المشفرة التي يسميها المغاربة ’’كريبتو’’ على أكثر من منصة بسبب اندحارها في الساعات الماضية.
وفي التفاصيل فقد سوق الكريبتو أزيد من 200 مليار دولار أمس في قيمة التداول، وكانت أغلب الخسائر قادمة من Anchor، وهو بروتوكول إقراض شائع في السابق في Terra، حيث شهد انخفاض القيمة المحجوزة عليه من 17.1 مليار دولار في 6 مايو إلى مليار دولار يوم الخميس وفق بيانات DefiLlama.
كانت تيرا ومعها لونا أكبر ضحايا هذا الانهيار المشفر، لتهبط بحوالي 97% نزولا إلى مستويات قرب الواحد دولار، بينما فقدت العملة التي تعاني انهيارا حادًا في حدود 99% خلال أسبوع وتواصل انحدارها اليوم الجمعة لناقص-99.84%.
تيرا لونا شهدت زوبعة لمدة أسبوع مع انخفاض الرمز المميز بمعدل ينذر بالخطر.
اما أم العملات الرقمية ’’البيتكوين’’، فقد تراجعت إلى 25 ألف دولار في واقعة لم تسجل منذ 17 شهرا، وهو التراجع الأكبر منذ دجنبر 2020.
مع هذا السوق المتقلب والغامض، هل يحتاج المغاربة فعلا إلى هذه العملات؟
يوجد عدد لا بأس به من المغاربة في منصات العملات الرقمية بل إنهم من أكثر المتداولين في شمال أفريقيا، ولو أن المتداولين لا يغامرون بمبالغ ضخمة، تبقى مسألة التداول قائمة وهناك من يستخدمهم من باب الهواية والتسلية.
ووفق تقرير نشرناه سابقا في اقتصادكم فإن نحو 900 ألف مغربي مسجلون في منصات العملات الرقمية، بحسب معطيات لمنصة ’’تريبل آي’’.
إقرأ أيضا : ’’كريبتو’’.. المغاربة أكثر المتداولين للعملات الرقمية في شمال أفريقيا
لكن بعضا ممن سألناهم لم يحققوا شيئا من الأرباح عبر هذه المنصات، وحتى استخلاص هذه الأرباح فعليا، غير ممكن بسبب عدم قانونية التداول بهذه العملات التي سبق لمكتب الصرف أن حذر منها.
فمكتب الصرف يعتبرها نظام دفع خفي لا تدعمه أي مؤسسة مالية. وقال في 2017 إن المعاملات بهذه النقود الافتراضية يشكل مخالفة لقانون الصرف الجاري به العمل ويُعَرِّضُ مرتكبيها للعقوبات والغرامات المنصوص عليها في النصوص ذات الصلة’’.
وأهاب المكتب في بلاغ، اطلع عليه اقتصادكم، بالجميع الاحترام التام لمقتضيات قانون الصرف الجاري بها العمل والتي تنص على أن المعاملات المالية مع الخارج يجب أن تتم عن طريق الأبناك المعتمدة بالمغرب وبواسطة العملات الأجنبية المعتمدة من طرف بنك المغرب.
العملات الرقمية تواجه تحدي الثقة، لأنها في الأخير تستخدم تقنية معقدة هي البلوكتشين.
ورغم ما يبدو من كلام المنظرين لهذه التقنية أنها محمية بشكل خارق، غير أنها سلاح ذو حدين، إذ بقدر ما يمكنك تخزين استثماراتك بشكل سري وغير معروف، ولا يمكن تعقبه، بقدر ما يمكنك أيضا أن تتعرض للنصب والسرقة من لص غير معروف ولايمكن تعقبه، يمكنه أن يعصف بمدخراتك الرقمية السرية بضغطة زر كما وقع في تركيا قبل سنة بعد اختفاء ملياري دولار من على منصة للعملات الرقمية.
وحدث قبل ذلك في 2019 في كندا مع منصة كوادريكا التي توفي صاحبها الشاب في ظروف غامضة. وترك خلفه عشرات الآلاف من عملاء الشركة في حيرة من أمرهم حيال مصير أموالهم المقدر ب 135 مليون دولار.
اقرأ أيضا: ’’كريبتو روم’’.. احتيال بالعملات المشفرة يستهدف مستخدمي آيفون
أشهر المشككين في العملات الرقمية هو الملياردير الأمريكي وارين بافيت الذي نقلت عنه فوربس قبل أسبوع قوله: "إذا أخبرتني أنك تمتلك كل عملات بيتكوين في العالم وعرضتها عليّ مقابل 25 دولارًا، فلن آخذها، ماذا عساي أفعل بها؟".
لم يحن بعد زمن العملات الرقمية، حتى في الاقتصادات الأكثر تطورا مثل اليابان، والنقود ما يزال الكثير من البشر يستخدمونها خاصة في أمريكا اللاتينية والشرق الأوسط وأفريقيا، بحسب تقرير المدفوعات العالمية لعام 2021 الصادر عن"إف أي إس" (FIS).
البنوك المغربية ليست مستعدة للتخلي عن النقود حاليا، رغم ارتفاع المدفوعات الرقمية ببطائق الائتمان، الأهم اليوم هو تعزيز سيادة العملة المحلية، وتوسيع الشمول المالي، وبعدها يمكن الانتظار.