اقتصادكم
أظهرت كل البرامج الحكومية لتشجيع السياحة الداخلية، مثل "كنوز بلادي" و"نتلاقو فبلادنا"، محدوديتها في تحقيق الأهداف المتوخاة منها، إذ يشتكي أرباب الفنادق، من تدني معدلات الملء، خاصة خلال فترات الأزمة، مثل الجائحة الحالية، ويجد السياح المحليون من جهتهم، صعوبة في الولوج إلى مؤسسات الإيواء، لغياب العروض التي تستجيب لإمكانياتهم وتتلاءم مع طبيعة هذا الصنف من الزبناء.
ويدفع هذا الأمر عددا من المغاربة إلى قضاء إجازاتهم، إما خارج الوطن، نظرا للعروض المغرية التي تقدمها بعض الوجهات السياحية، مثل تركيا، أو داخل المغرب لكن خارج مؤسسات الإيواء المصنفة، التي تظل أسعارها أعلى بكثير من القدرة الشرائية لأغلب الأسر.
وأبانت دراسات عديدة، أن حوالي نصف المغاربة يعتزمون قضاء عطلتهم الصيفية لدى الأقارب، وأن نسبة الربع يقضون عطلتهم داخل شقق مجهزة للكراء، بينما نسبة لا تتجاوز 20 % من تفضل تمضية الإجازة في الفنادق، في حين يقصد عدد قليل شققا الثانوية لقضاء العطلة.
وينفق المغاربة على الأسفار خلال فترة الصيف، حسب دراسة أنجزها مهنيون، حوالي 5500 درهم. لكن الأمر يتعلق بمتوسط إنفاق، علما أن هناك أسرا تنفق أكثر من ذلك بكثير، إذ تتراوح نفقات الفئات المتوسطة ما بين 10 آلاف درهم و 15 ألف درهم، بالنسبة إلى الذين يقضون عطلهم داخل المغرب، وترتفع الكلفة أكثر من ذلك بالنسبة إلى الذين يقصدون وجهات خارجية.
ويقترح المهنيون، من أجل دعم السياحة الداخلية، اعتماد شيكات الأسفار، وتقضي هذه الآلية بإعفاء المنح التي يقدمها المشغلون لأجرائهم على شكل شيكات للأسفار من الضرائب، علما أن هذه الشيكات معمول بها في فرنسا منذ 1982، إذ تعتبر بمثابة مساعدات لفائدة الأجراء، من أجل تحفيزهم على السفر، وتمكن من أداء خدمات النقل والإقامة والتغذية.
وتعرف هذه الشيكات نجاحا كبيرا في بعض البلدان، مثل فرنسا، إذ يستفيد سنويا من شيكات الأسفار ما لا يقل عن 4.5 ملايين مستفيد، بقيمة إجمالية تجاوزت مليارا و 700 مليون "أورو"، وتتوفر فرنسا على آلية مؤسساتية تشرف على إصدار هذه الشيكات، ويتعلق الأمر بالوكالة الوطنية لشيكات الأسفار.
وسبق أن أعلنت نادية فتاح العلوي، وزير الاقتصاد والمالية، عندما كانت تتولى حقيبة وزارة السياحة والنقل الجوي، أنها ستعمل على الإسراع في إصدار النص التنظيمي الذي سيؤطر العملية، بهدف إنعاش الحركة السياحية، خاصة ما يتعلق بالسياحة الداخلية، لكن المشروع لم يخرج إلى حيز الوجود.
وتظل الأسعار المرتفعة أحد المعيقات أمام انتعاش السياحة الداخلية، ما يفرض إبداع حلول لتوفير عروض تستجيب لكل المتطلبات، وتأخذ بعين الاعتبار طبيعة الزبون المغربي.