اقتصادكم-حنان الزيتوني
تشهد الأقاليم الجنوبية، وفي مقدمتها العيون والداخلة، حركية اقتصادية لافتة تتجسد في إطلاق مشاريع كبرى وتمدد مستمر في البنيات التحتية والأنشطة الإنتاجية، ورغم استمرار معدلات البطالة في مستويات تفوق المعدل الوطني، فإن تدفق الاستثمارات العمومية والخاصة في الصناعة واللوجستيك والسياحة والفلاحة يمنح الجهة زخما تنمويا جديدا ينظر إليه كمدخل حقيقي لإعادة توزيع فرص الشغل وتوسيع العرض المهني في منطقة عانت طويلا من محدودية الخيارات، فهل تقف الأقاليم الجنوبية اليوم على أعتاب مرحلة جديدة عنوانها توفير آلاف فرص العمل للشباب؟.
المشاريع المبرمجة
وفي هذا السياق، يرى الخبير الاقتصادي محمد جدري أن الأقاليم الجنوبية مقبلة على لعب دور جوهري في مواجهة البطالة على الصعيد الوطني خلال السنوات المقبلة، مؤكدا أن حجم المشاريع المبرمجة يمنح الجهة قدرة حقيقية على خلق آلاف الوظائف المباشرة وغير المباشرة.
وبحسب تقديره، فإن البنيات الاستراتيجية الكبرى التي تشيد حاليا في العيون والداخلة ستغير الخريطة الاقتصادية للجنوب، وتفتح بابا واسعا أمام الشباب للاندماج المهني.
البنيات التحتية الكبرى
وأضاف في تصريح لموقع "اقتصادكم"، أن الأوراش الضخمة، وعلى رأسها الطريق السريع تيزنيت–الداخلة، تشكل شريانا اقتصاديا جديدا سيمكن من تنشيط المبادلات وخلق فرص للشغل في النقل والخدمات واللوجستيك.
كما يبرز مشروع ميناء الداخلة الأطلسي باعتباره أحد أهم المشاريع القادرة على تحويل الجهة إلى قطب تجاري إقليمي، الأمر الذي سيوفر، حسب الخبير، مناصب شغل متنوعة في مجالات الصيد البحري، التخزين، الصناعات التحويلية، والخدمات المرتبطة بالسلاسل اللوجستيكية.
محيط اقتصادي جديد
ويشير جدري إلى أن مشروع المستشفى الجامعي بالعيون لن يقتصر على تعزيز العرض الصحي، بل سيشكل محركا اقتصاديا مستقلا، إذ سيخلق وظائف مباشرة في القطاع الطبي وشبه الطبي، ويستقطب استثمارات في الإسكان والخدمات والتكوين، ما يوسع دائرة فرص التشغيل في المدينة.
وأكد الخبير أن الجنوب بات مؤهلا لقيادة التحول الوطني في الطاقات المتجددة والهيدروجين الأخضر بفضل توفره على وعاء عقاري واسع ومؤهلات طبيعية نادرة، هذه المشاريع، بحسب تصريحه، ستفتح الباب أمام استثمارات صناعية كبرى وفرص عمل مستدامة ذات قيمة مضافة عالية.
ويشدد جدري على أن نجاح هذه المشاريع يتطلب تأهيل اليد العاملة المحلية حتى تكون قادرة على تلبية حاجيات سوق الشغل الجديدة، مؤكدا أن الرهان الأساس هو تمكين شباب الأقاليم الجنوبية من المهارات التقنية والمهنية اللازمة لتفادي استقدام عمالة من مناطق أخرى.
جذب الاستثمار لتسريع التشغيل
ويرى الخبير الاقتصادي أن المنح الترابية والحوافز الجديدة الواردة في ميثاق الاستثمار تلعب دورا محوريا في استقطاب رؤوس الأموال نحو الأقاليم الجنوبية، معتبرا أن هذه التسهيلات يجب أن تُرفق بإجراءات إدارية مرنة تشجع المستثمرين المحليين والأجانب على إطلاق مشاريعهم بشكل أسرع.
وأكد جدري أن الأقاليم الجنوبية ليست فقط منصة إنتاج وتصدير نحو باقي جهات المملكة، بل بوابة اقتصادية نحو السوق الإفريقية التي يتوقع أن تصبح الأكبر من حيث الاستهلاك خلال العقود المقبلة، ما يمنح المنطقة فرصة تاريخية لقيادة النمو والتشغيل في المغرب.