اقتصادكم
أنعشت الأزمة الاقتصادية الحالية، أنشطة شركات التحصيل، خصوصا مع تزايد قيمة القروض معلقة الأداء لدى البنوك، التي بلغت 88.85 مليار درهم، أي 8885 مليار سنتيم، بزيادة سنوية نسبتها 6.4 % متم يوليوز الماضي.
أدى ارتفاع حجم القروض معلقة الأداء، وعدم تمكن البنوك وشركات التمويل من تحصيلها إلى تناسل عدد من الشركات المختصة في التحصيل، التي أصبحت تتكفل بملاحقة المدينين ومطالبتهم بأداء ما في ذمتهم من مستحقات المؤسسات العمومية.
ويشير التقرير السنوي التاسع حول الاستقرار المالي، الصادر عن بنك المغرب والهيئة المغربية لسوق الرساميل وهيئة مراقبة التأمينات والاحتياط الاجتماعي، بأن محفظة الديون المتعثرة لدى البنوك سجلت ارتفاعا بنسبة 6.7 %، لتبلغ نحو 85 مليار درهم، أي 8500 مليار سنتيم خلال السنة الماضية.
ويفاجأ عدد من المواطنين بمكالمات هاتفية أو مراسلات من هذه الشركات تطالبهم، من خلالها بأداء مبالغ، غاليا ما تزيد عن مبلغ القروض التي تكون في ذمة الأشخاص الملاحقين، إذ تتم إضافة عمولات التحصيل وفوائد التأخير.
وإذا كانت هذه الشركات منتشرة في عدد من البلدان المتقدمة مثل الولايات المتحدة الأمريكية أو البلدان الأوربية، فإن تدخلاتها في المغرب غالبا ما لا تكون مؤطرة بقوانين، إذ هناك فراغ قانوني في هذا المجال، فلا يوجد أي نص قانوني ينظم عملية التحصيل من قبل الغير، ما يؤدي إلى الشطط في عملية التحصيل، ويشتكي العديد من المواطنين من تعسفات ممثلي هذه الشركات.
وبهذا الخصوص، أكد مراد ملوكي، مستشار قانوني متخصص في الأسواق المالية، في اتصال هاتفي مع "اقتصادكم"، أن شركات التحصيل يجب أن ينحصر دورها في الوساطة بين المؤسسة البنكية وزبونها، من خلال الحث عن مكان وجوده والتكفل بإبلاغه بأداء ما بذمته لفائدة الشركة. لكن غالبا ما تتجاوز هذه الشركة هذه الحدود، بل إن البعض منها يتقمص دور الشرطة القضائية ولا يتوانى في تهديد الزبون، ومطاردته لدفعه إلى أداء مستحقات شركات التمويل أو المؤسسات البنكية.
ويضيف المستشار القانوني، أن هناك تساؤلات تطرح حول مدى قانونية مد هذه الشركات من قبل المؤسسات البنكية بمعلومات تخص الزبون، علما أنها ملزمة بالسر المهني، إذ لا يمكنها تقديم أي معلومات تهم الزبون دون ترخيص كتابي من قبله.
ومن جهته، يؤكد عبد الرزاق الكوني، مستشار مالي، لدى أحد بنوك الأعمال بالدار البيضاء، في تصريحات لـ"اقتصادكم"، أنه رغم الغموض القانوني الذي يشوب نشاط شركات التحصيل، وتنازعها في هذا السوق مع المحامين، إلا أنها تمكنت من رفع رقم معاملاتها بنسبة تجاوزت 40 %، في ظل غياب إحصائيات دقيقة، بسبب عدم انتظام هذه الشركات في إطار قانوني موحد أو جمعية مهنية منظمة.
وأشار الخبير المالي، إلا أن أغلب شركات التحصيل رفعت نسبة عمولاتها، بتزايد مستوى المخاطر الائتمانية لدى البنوك، وارتفاع قيمة القروض مستحقة الأداء، التي لم تحول أقساطها داخل الآجال القانونية إلى البنوك، مشددا على أن أغلب هذه الشركات لا تعتمد حاليا على أطر مكونة ومؤهلة في التحصيل، وتلجأ إلى أساليب غير مقننة من أجل بلوغ غايتها، علما أن هذا المجال في تطور دائم بالخارج، ويحظى المهنيون فيه إلى تكوينات مستمرة، تعزز تكوينهم الأساسي، الذي يزاوج بين القانوني والمالي.