المغرب يجني المكاسب الأولى للإصلاح الضريبي

الاقتصاد الوطني - 23-01-2025

المغرب يجني المكاسب الأولى للإصلاح الضريبي

اقتصادكم

 

حقق المغرب إنجازًا جبائيًا غير مسبوق، حيث تمكن من جمع 100 مليار درهم من الإيرادات الإضافية خلال أربع سنوات، مع توقعات بأن تصل هذه الإيرادات إلى حوالي 20% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2025، وهو مستوى تاريخي مرتفع، ومن المتوقع أن يستمر هذا المعدل على الأقل حتى عام 2027.

منذ انطلاق الإصلاح الضريبي في 2019، نجح المغرب في ترسيخ هذا المشروع الكبير كمحرك أساسي لتحويل المالية العامة، بفضل رؤية واضحة، وبعد مضي نصف الطريق من تنفيذ هذا الإصلاح، أصبحت النتائج واضحة: زيادة كبيرة في الإيرادات الضريبية، تخصيص مباشر للأموال لتمويل البرامج الاجتماعية، وإعادة توازن تدريجي للنظام الضريبي.

زيادة هائلة في الإيرادات الضريبية

بين عامي 2020 و2024، شهدت الإيرادات الضريبية المغربية ارتفاعًا ملحوظًا، حيث انتقلت من 199 مليار درهم إلى 299 مليار درهم، ما يمثل زيادة ضخمة بلغت 100 مليار درهم خلال أربع سنوات فقط. مع معدل نمو سنوي متوسط قدره 11%، يعد هذا الأداء ثمرة لإعادة تصميم النظام الضريبي. ارتفعت عائدات الضريبة على الشركات من 48.8 مليار درهم في 2020 إلى 70 مليار درهم في 2024 بفضل تحسين التحصيل والكفاءة الإدارية.

في المقابل، سجلت ضريبة القيمة المضافة، وهي العنصر الأساسي للإيرادات غير المباشرة، زيادة بنسبة 59%، حيث انتقلت من 56 مليار درهم إلى 89 مليار درهم. كما شهدت ضريبة الدخل ارتفاعًا ملحوظًا، إذ بلغت نحو 59.6 مليار درهم مقارنة بـ 40 مليار درهم في 2020، ويعزى هذا التطور إلى توسيع القاعدة الضريبية ودمج المهن الحرة والأنشطة الاقتصادية في النظام الضريبي.

إعادة تنظيم النظام الضريبي

يرى عبد العزيز لحلو، مدير الاقتصاد في مركز التجاري للأبحاث Attijari Global Research، أن هذه النجاحات تعود إلى إعادة تنظيم معدلات الضريبة على القيمة المضافة والضريبة على الشركات، بالإضافة إلى توسيع قاعدة دافعي الضرائب وتقليص الإعفاءات الضريبية بنسبة 13%، من 36.9 مليار درهم في 2023 إلى 32.1 مليار درهم في 2024. هذا التحسن يساهم في تقوية الإيرادات المستدامة. كما أن القطاع العام يعزز إيراداته عبر الإيرادات غير الضريبية، التي وصلت إلى 4.4% من الناتج المحلي الإجمالي.

الاستثمار في السياسات الاجتماعية

أكد فوزي لقجع، الوزير المنتدب لدى وزير الميزانية، أن الموارد الإضافية تم استثمارها بالكامل في السياسات الاجتماعية ذات الأولوية. تم تخصيص 44 مليار درهم لتمويل الالتزامات الاجتماعية المرتبطة بالحوار الاجتماعي، و35 مليار درهم لدعم الأسر الأكثر احتياجًا، إضافة إلى 19.5 مليار درهم لتوسيع التغطية الصحية.

نحو المزيد من الإصلاحات الاجتماعية

ويؤكد الخبير الاقتصادي، حسب "فينونس نيوز" أن الإصلاح الضريبي يمنح المغرب القدرة على مواصلة إصلاحاته الاجتماعية ومعالجة تحديات نظام التقاعد في ضوء تباطؤ النمو السكاني، مما يسبب "شيخوخة مبكرة" للسكان. من المتوقع أن تصل الإيرادات الضريبية إلى نحو 20% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2025، وستظل عند مستويات مرتفعة حتى عام 2027، بحسب تقديرات وزارة المالية.

إصلاحات تهدف إلى العدالة الضريبية

واحدة من النجاحات البارزة للإصلاح الضريبي هي سعيه لتحقيق العدالة الضريبية. بحلول عام 2025، سيستفيد الأشخاص الذين يقل دخلهم الشهري عن 15 ألف درهم من 70% من المجهود المالي، أي حوالي 8.5 مليار درهم. بالإضافة إلى ذلك، تم توحيد معدلات ضريبة القيمة المضافة على مستويين (10% و20%) مع توسيع الإعفاءات لتشمل المواد الأساسية، بهدف حماية الأسر الضعيفة وتعزيز الإيرادات.

إصلاح ضريبي يعزز الاستثمار والنمو

وفي إطار الجهود لتعزيز الاستقرار المالي، ستخصص الدولة في 2025 مبلغ 105 مليار درهم للمشاريع الكبرى بزيادة قدرها 5%، بهدف تحفيز النمو في قطاعات استراتيجية مثل الطاقة والمياه والتعليم. تعكس هذه الميزانية استراتيجية مدروسة لتحفيز النمو وتحقيق المساواة الإقليمية، مع التركيز على المناطق الأقل استفادة تاريخياً.

التحديات الهيكلية المستمرة

رغم النجاحات، يبقى ثقل فاتورة الأجور العامة أحد التحديات الهيكلية البارزة، حيث من المتوقع أن تبلغ 11% من الناتج المحلي الإجمالي في 2024. إضافة إلى ذلك، ما زال الدعم يشكل عبئًا، رغم انخفاضه. كما أن مواجهة التحديات المرتبطة بالتحول الديموغرافي، مثل تمويل المعاشات التقاعدية وتطوير السياسات الصحية، باتت أولوية ملحة.

إشادة دولية بالتحولات المالية

وأشادت مؤسسات دولية مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي والاتحاد الأوروبي بالتطورات التي شهدتها المالية العمومية الوطنية، حيث يضيف هذا الاعتراف الدولي قوة للمصداقية التي حققها الإصلاح الضريبي، مما يعزز ثقة الشركاء الدوليين في استدامة النظام المالي المغربي.