اقتصادكم-إيمان البدري
في ظل التقدم التكنولوجي المستمر الذي يشهده العالم، أصبح الذكاء الاصطناعي أحد المحاور الأساسية التي تعتمد عليها العديد من الدول لتحسين أدائها الإداري والخدماتي. فبالنسبة للمغرب تستعد الحكومة لتطبيق تقنيات الذكاء الاصطناعي في الإدارات العمومية بهدف تحسين جودة الخدمات و تحقيق إصلاحات عميقة في مختلف القطاعات. ومع ذلك، فإن عملية إدماج هذه التكنولوجيا في الإدارات العمومية المغربية تواجه العديد من التحديات التي يجب التغلب عليها لضمان النجاح المستدام.
وفي هذا السياق، أفاد محمد سامي، خبير الاستراتيجية وقيادة التغيير للشركات والمؤسسات في تصريح لـ " اقتصادكم " بأن وزارة الانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة تعمل على وضع خارطة طريق لتحديد أولويات استخدام الذكاء الاصطناعي في الخدمات العمومية، مع الالتزام بتفعيل توصيات منظمة اليونسكو بشأن أخلاقيات الذكاء الاصطناعي، هاته العملية ستعرف مزايا وتحديات من أجل اعتماد الإدارات العمومية على الذكاء الاصطناعي واعتباره جزء لا يتجزأ من وحدة الإدارة العمومية.
مزيا اعتماد الذكاء الاصطناعي في الادارات العمومية:
يرى سامي، أنه اعتماد الإدارات العمومية على الذكاء الاصطناعي سيساهم في تحسين جودة الخدمات، حيث يمكن للذكاء الاصطناعي تحليل كميات كبيرة من البيانات بسرعة ودقة، مما يساعد في تقديم خدمات أكثر كفاءة وتخصيصًا للمواطنين، فضلا عن زيادة الكفاءة التشغيلية، حيث ستساهم الأتمتة في تقليل الوقت المستغرق في إنجاز المهام الروتينية، مما يسمح للموظفين بالتركيز على مهام أكثر تعقيدًا وإبداعًا.
وأضاف المتحدث ذاته، أن الذكاء الاصطناعي سيساهم في تعزيز الشفافية ومكافحة الفساد، حيث ستقلل الأنظمة المؤتمتة من التدخل البشري في العمليات الإدارية، مما يقلل من فرص الفساد ويزيد من الشفافية، وبالتالي سيحسن من مراتب المغرب على مستوى المؤشرات الدولية خاصة مؤشر الفساد.
. المساهمة في دعم اتخاذ القرارات، حيث سيعمل الذكاء الاصطناعي على تحليل البيانات الضخمة، بشكل دقيق وبسرعة فائقة من سيساهم ويساعد في توفير رؤى استراتيجية (مثل توقع الاحتياجات الاجتماعية أو تخصيص الموارد).
بالمقابل رغم ما يوفره الذكاء الاصطناعي من مزايا وامتيازات، لابد من مواجهة التحديات المستقبلية المتعلقة باستخدامه، والتي يجب العمل على مواجهتها وضبطها.
التحديات المستقبيلة لاعتماد الذكاء الاصطناعي في الادارات العامة:
وفي هذا الصدد، استعرض الخبير التحديات التي قد تواجه الادارات العمومية منها :
. المسؤولية القانونية عند حدوث أخطاء ناضجة عن قرارات الذكاء الاصطناعي، فتحديد المسؤولية عند حدوث أخطاء ناتجة عن قرارات الذكاء الاصطناعي يشكل تحديًا قانونيًا، خاصة في غياب إطار قانوني واضح ينظم هذه المسائل، وبالتالي يجب العمل على وضع النص القانوني والتشريعي الذي يضبط العملية.
. التحيز الخوارزمي، حيث قد تحتوي خوارزميات الذكاء الاصطناعي على تحيزات تؤدي إلى قرارات غير عادلة أو تمييزية، مما يستدعي مراجعة دقيقة لهذه الخوارزميات لضمان العدالة والإنصاف، وبالتالي يجب على هاته الخوارزميات الانضباط للقوانين التي صادق عليها المغرب دوليا والاتفاقات الدولية واحترام حقوق الإنسان والخصوصية.
. تأثيرات الذكاء الاصطناعي على سوق العمل، حيث قد يؤدي اعتماد الذكاء الاصطناعي إلى تغيير أو اختفاء بعض الوظائف التقليدية، مما يتطلب استراتيجيات لإعادة تأهيل وتدريب الموظفين للتكيف مع المتطلبات الجديدة.
. المقاومة الثقافية، من خلال تخوف الموظفين من فقدان الوظائف أو عدم الثقة في التقنيات الجديدة، يمكن أن تنشأ مقاومة ثقافية لعدم اعتماد الذكاء الاصطناعي في الادارات العمومية.
. وجود الفجوة الرقمية، من خلال عدم تكافؤ فرص الوصول إلى الخدمات الذكية بين المناطق الحضرية والقروية.
. البنية التحتية الرقمية، حيث يساهم نقص البنى الشبكية القوية أو أنظمة الحوسبة السحابية، في تقديم الخدمات العمومية بشكل أفضل.
وأشار سامي إلى أن إدخال تقنيات الذكاء الاصطناعي في الإدارة العمومية المغربية يمثل خطوة استراتيجية نحو تحسين جودة الخدمات وتعزيز الكفاءة. ومع ذلك، يتطلب هذا التحول مراعاة التحديات المحتملة واتخاذ التدابير اللازمة لضمان استخدام آمن وأخلاقي لهذه التقنيات.