كيف تساهم الأحداث الرياضية في تطوير الانتقال الطاقة والاقتصاد الدائري؟

الاقتصاد الوطني - 15-01-2025

كيف تساهم الأحداث الرياضية في تطوير الانتقال الطاقة والاقتصاد الدائري؟

اقتصادكم

 

يمثل أفق سنة 2030 مرحلة حاسمة للمغرب، حيث يتزامن مع تحقيق أهداف استراتيجيات وطنية طموحة في مجالي الطاقة والتنمية المستدامة، بحيث تلعب استضافة الأحداث الرياضية الكبرى، مثل كأس الأمم الأفريقية 2025 وكأس العالم 2030، دورًا محوريًا في تسريع تنفيذ مشاريع الطاقة المتجددة والاقتصاد الدائري وإدارة الموارد الطبيعية. فهذه الأحداث ليست مجرد مسابقات رياضية، بل تمثل فرصًا استراتيجية لتعزيز التنمية المستدامة والمساواة بين المناطق.

ومنذ أكثر من عقدين، يولي المغرب اهتمامًا كبيرًا لتطوير بنيته التحتية وفقًا للمعايير الدولية، وقد أحرز تقدمًا ملحوظًا في قطاع الطاقة، حيث تم تحقيق نتائج مثمرة. في مجال الطاقات المتجددة، تجاوزت القدرة المركبة الحالية 5.3 جيجاوات (ما يعادل حوالي 44.3% من القدرة الإجمالية المركبة)، ومن المتوقع إضافة نحو 7.5 جيجاوات إضافية في السنوات القادمة، وذلك في إطار الخطة الوطنية للطاقة الكهربائية.

وأكدت وزارة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة أن من المرجح تجاوز الهدف الأولي المتعلق بالحصول على 52% من الطاقات المتجددة في القدرة الكهربائية المركبة قبل حلول عام 2030. كما تم تحديد نحو 80 تدبيرًا لتحسين كفاءة الطاقة، تشمل قطاعات النقل والعقار والصناعة والإضاءة العامة والفلاحة، مما سيساهم في تقليص استهلاك الطاقة بنحو 20% بحلول عام 2030.

وفي هذا السياق، تسهم استراتيجية الربط الكهربائي مع أوروبا وغرب إفريقيا، بالإضافة إلى مشروع خط أنابيب الغاز بين نيجيريا والمغرب، في تعزيز دور المغرب كلاعب رئيسي في مجال التكامل الإقليمي. تهدف هذه المشاريع إلى تلبية الطلب المتزايد على الطاقة وتقليل البصمة الكربونية، ليس فقط خلال فترات الذروة الاستهلاكية أثناء وبعد هذه الأحداث الرياضية، بل أيضًا عبر تحسين إدارة مشاريع البنية التحتية.

كما أكدت ليلى بنعلي، وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، أن المغرب نجح دائمًا في التعامل مع ذروات الاستهلاك التاريخية بفضل الإدارة المحسّنة لشبكة الكهرباء. وأوضحت أن التركيز خلال السنوات الخمس المقبلة سيكون على زيادة الاستثمار السنوي في الطاقات المتجددة، وتطوير شبكات ذكية تساهم في تحسين إنتاج وتوزيع الكهرباء.

التطوير الجهوي والاستدامة

منذ الإعلان عن استضافة هذه الأحداث، بدأ المغرب في إعداد برامج مشتركة مع مختلف الوزارات، مع الحرص على أن تكون هذه البرامج مرنة وقابلة للتوسع، والهدف هو تعزيز المساواة الجهوية عبر تسريع وتيرة التنمية في المناطق التي ستستضيف المنافسات الرياضية. وأوضحت وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، في تصريحات لـ"فينونس نيوز" أن المغرب يأمل أن تساهم هذه الأحداث في دفع التنمية الاقتصادية والاجتماعية على مستوى كافة المناطق.

وفي نفس الوقت، تعمل المدن المضيفة على تحديث أنظمة الطاقة لتلبية احتياجات الملاعب والمرافق المصاحبة لها. يتضمن ذلك إنشاء بنية تحتية "خضراء" تعتمد على الاقتصاد الدائري، حيث يتم دمج إعادة التدوير وإدارة الموارد بشكل مسؤول. فعلى سبيل المثال، تم تصميم بعض الملاعب لاستخدام مياه الأمطار المعاد تدويرها وتشغيل الإضاءة باستخدام الطاقة الشمسية.

إدارة المياه والاقتصاد الدائري

في مواجهة تحديات المياه، خصوصًا مع التدفق المتوقع للزوار، تطبق المغرب حلولًا مبتكرة مثل بناء السدود الكبيرة، وتحلية مياه البحر، وإعادة استخدام مياه الصرف الصحي المعالجة. ومن المتوقع أن تصل القدرة الإنتاجية للمياه المحلاة إلى 1.5 مليار متر مكعب سنويًا بحلول عام 2030، وهو ما يلبي احتياجات المسابقات الرياضية وكذلك احتياجات المواطنين.

كما أضافت ليلى بنعلي أن التقنيات المبتكرة في محطات تحلية المياه تدمج أنظمة عالية الكفاءة للطاقة لتقليل التأثير البيئي. في مجال إدارة النفايات، يعتمد المغرب على مبادئ الـ4Rs (التقليل، إعادة الاستخدام، إعادة التدوير، الاسترداد)، بهدف إعادة تدوير 65% من النفايات بحلول 2030. وتسهم هذه المبادرة في الحد من مكبات النفايات، بالإضافة إلى توفير فرص عمل خضراء وتعزيز الصناعة المحلية في معالجة النفايات.

جذب الاستثمارات

تلعب هذه الأحداث الرياضية دورًا مهمًا في تعزيز مكانة المغرب على الساحة الدولية كوجهة جاذبة للاستثمار في مجالات الطاقة النظيفة والاقتصاد الدائري. فقد التزمت فرنسا بتمويل مشروع كابل كهربائي يربط الدار البيضاء بالداخلة، بالإضافة إلى خط قطار فائق السرعة بين القنيطرة ومراكش. كما تخطط شركات صينية، مثل "Gotion High-Tech"، لإقامة مصانع للبطاريات الكهربائية في المغرب، مما سيساهم في تعزيز القطاع الصناعي للطاقة في المملكة.

بفضل هذه الشراكات الدولية والسياسات الطاقية التقدمية، يرسخ المغرب مكانته كنموذج للاستدامة والابتكار، ويضمن نجاح هذه الأحداث الرياضية وظهور اقتصاد أخضر ومرن يعود بالنفع على الأجيال القادمة.