اقتصادكم
ظهرت خلال الفترة الماضية مجموعة من المؤشرات التي تفيد بقرب تفعيل آليات التعاون الاقتصادي بين المغرب وموريتانيا والاستفادة من المؤهلات الاستثمارية للبلدين الجارين.
وتنعقد في العشرين من شهر شتنبر الجاري، الدورة الثانية للمنتدى الاقتصادي المغربي الموريتاني بالدار البيضاء، التي تهدف إلى تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري بين البلدين، وإعطاء دفعة جديدة للمبادلات بين الفاعلين الاقتصاديين في المغرب وموريتانيا.
ويتمحور برنامج هذا المنتدى الاقتصادي حول نقطتين أساسيتين، الأولى تتعلق بمناخ الأعمال بكل من المغرب وموريتانيا، والثانية بمشاريع الاستثمار في القطاعات الحيوية، كالفلاحة والطاقة والصناعات الغذائية والمالية والصناعات الدوائية.
ويأتي هذا المنتدى تزامنا مع الدعوة إلى إنشاء منتدى اقتصادي برلماني مغربي - موريتاني، بهدف استقطاب رؤوس الأموال والخبرات من الجانبين والنهوض باقتصاد البلدين بغية مواجهات التحديات المقبلة.
ما هي مميزات الاقتصاد الموريتاني؟ وما هي تدابير الحكومة الموريتانية لتحسين مناخ الأعمال؟ وما هي هي أبرز مجالات الاستثمار المتاحة أمام المغرب؟
تحسين مناخ الأعمال
اتخذت الحكومة الموريتانية مجموعة من التدابير والإجراءات لتحسين مناخ الأعمال، إذ تم في هذا الجانب إنشاء شباك موحد واعتماد مدونة للاستثمار، ومراجعة مدونتي الصفقات العمومية والتجارة، فضلا عن إحداث مركز للتحكيم والوساطة، كما وضعت الحكومة رؤية إستراتيجية للتنمية في أفق عام 2030، تأخذ بعين الاعتبار التحديات المرتبطة بتنويع الاقتصاد، وتثمين الموارد، وتدبير مختلف الثروات، وتعزيز النمو بغية خلق مزيد من فرص الشغل.
وبالنسبة إلى القطاع الخاص، حيّنت موريتانيا قوانينها لتشجيع الاستثمار وبالتالي توفير فرص إضافية للعمل، كما تم إحداث منطقة حرة بمدينة نواذيبو، القريبة من الحدود مع المغرب، كما تم تحيين القانون التجاري لملائمته مع حاجيات المستثمرين في القطاع الخاص.
وتراهن موريتانيا على مجموعة من القطاعات الحيوية كالصيد البحري والفلاحة والطاقة والصناعات الغذائية والمعادن والسياحة، للدفع بعجلة التنمية في البلاد.
مجالات الاستثمار
يتطلع المغرب إلى الاستثمار في مجموعة من القطاعات الواعدة في موريتانيا، كالطاقة (الغاز، البترول، الطاقة النظيفة والمتجددة) والفلاحة، إذ يتوفر الجار الجنوبي للمملكة على مساحة تفوق 500 ألف هكتار صالحة للزراعة، بالإضافة إلى الثروة الحيوانية والصيد البحري، والمعادن والسياحة والصناعات الغذائية.
الطاقة
شهد قطاع الطاقة تحولا ملحوظا في موريتانيا، حيث تضاعف الإنتاج وتم إدخال الطاقات المتجددة ومد مزيد من الشبكات، بالإضافة إلى اكتشاف احتياطات مهمة من الغاز الطبيعي في السواحل الموريتانية، والبدء في تصدير الطاقة الكهربائية بعد تحقيق فائض في الإنتاج.
وقامت موريتانيا بمجموعة من الخطوات لاستغلال تنوع موارد الطاقة في البلاد، من خلال وضع إطار تشريعي ومؤسساتي بهدف عصرنة قطاع الطاقة وملائمته مع الأنظمة الدولية وضمان عنصر الشفافية.
وتشمل موارد الطاقة المتوفرة في موريتانيا البترول والغاز والطاقة الحرارية والطاقة الكهرومائية، كما أن الدولة تسلقت المراتب في التصنيف الخاص بحسن استغلال الطاقة المتجددة والنظيفة.
المعادن
تتوفر موريتانيا على ثروات معدنية وجيولوجية متنوعة، وتوفر في هذا الجانب فرصا جيدة للاستثمار بالنسبة إلى المغرب.
وتشمل الثروة المعدنية التي تملكها موريتانيا الذهب والحديد والنحاس والفوسفاط والملح والرمل والماس والكروم والمنغنيز والرصاص والتربة السوداء، وغيرها، ويمثل هذا القطاع معظم صادرات البلاد ويضمن 15 ألف فرصة عمل.
وتقدر احتياطات الثروة المعدنية بموريتانيا بأزيد من 25 مليون أونصة من الذهب، و1.5 مليار طن من الحديد، و28 مليون طن من النحاس، و140 مليون طن من الفوسفاط، و11 مليون طن من الكوارتز، و245 مليون طن من الملح، و6 مليارات طن من الجبس
الصيد البحري
يساهم قطاع الصيد البحري بشكل كبير في التنمية الاقتصادية لموريتانيا، بفضل العائدات المهمة التي يوفرها، إلى جانب مساهمته في التشغيل والأمن الغذائي، علما أن القطاع يحتل مكانة مهمة جدا في الاقتصاد المحلي، وتراهن عليه الدولة ليكون أحد محركات التحول الاقتصادي خلال السنوات المقبلة.
يمتد الساحل الموريتاني من دلتا نهر السنغال إلى حافة خليج الرأس الأبيض، ويبلغ طول واجهته البحرية 720 كلم مربع، وتمتلك البلاد منطقة اقتصادية خالصة تقدر بمائتي ميل، مساحتها 234 ألف كلم مربع، مع حيازتها لجرف قاري عريض 39 ألف كلم مربع، وتشتهر هذه المنطقة بوفرة وتنوع مواردها السمكية ذات الجودة التجارية العالية.
وتتميز الشواطئ الموريتانية بكونها من أغنى شواطئ العالم حيث تقدر الكميات الممكن اصطيادها، دون الإخلال بالتوازنات البيولوجية للمخزون بـ 1.8 مليون طن سنويا لا تزال نسبة كبيرة منها تصدر كمنتج خام دون تصنيع.
وتتوزع المصائد التي تحوى هذا المخزون إلى 6 مجموعات رئيسية، 4 منها مصائد للثروة السمكية القاعية، واثنتين للسطحية، وتستغل هذه المصائد من خلال الصيد التقليدي الذي يعتبر من أقدم أنواع الصيد لدى الموريتانيين، وكذلك تستغل من خلال الصيد الصناعي، وقد عرفت أساطيل هذه الأنظمة تزايدا كبيرا خلال السنوات الأخيرة.
الزراعة
تقدر الأراضي الصالحة للزراعة في موريتانيا بأكثر من 500 ألف هكتار، منها أكثر من 135 ألف هكتار من الأراضي القابلة للري علي الجانب الموريتاني من نهر السنغال.
وتتنوع الزراعة في موريتانيا ما بين الأرز والقمح ومختلف أنواع الحبوب، بالإضافة إلى قصب السكر والخضر والفواكه والبقوليات والحمضيات والزيتيات، كما توجد في البلاد واحات نخيل كبيرة تنتج كميات كبيرة من التمور، وتوفر التربة الزراعية للبلاد إنتاجية عالية.
وقامت موريتانيا بإصلاحات عديدة في قطاع الفلاحة، وعمدت إلى مد شبكات الري والكهرباء للرفع من الإنتاج وجعله أكثر تنوعا.
السياحة
تسعى موريتانيا إلى النهوض بقطاع السياحة وجعله فرصة جيدة بالنسبة إلى المستثمرين الأجانب، من خلال استغلال المناطق الصحراوية الشاسعة وتضاريسها الجبلية وشواطئها وجعلها مناطق جذب للسياح الأجانب، خاصة عشاق المغامرات الرياضية والصيد البري،
علما أنها تتوفر أيضا على مجموعة من المحميات الطبيعية، والوديان والواحات.
وتملك موريتانيا مؤهلات سياحية من شأنها أن توفر فرص استثمارية، على غرار المدن الأثرية المصنفة ضمن التراث البشري من طرف منظمة اليونسكو والتي تحتضن مهرجانات سنوية، وواحات النخيل في عدة ولايات، والساحل الأطلسي وأرخبيلا من الجزر.
الثروة الحيوانية
تمتلك موريتانيا ثروات حيوانية متنوعة، وبمساحات رعوية شاسعة، مما مكنها من تحقيق الاكتفاء الذاتي من المنتجات الحيوانية (لحوم، ألبان، جلود وغيرها من مشتقات حيوانية)، كما أن البلد يصدر منتجات حيوانية متعددة إلى العديد من الدول الأفريقية.
وتقدر الثروة الحيوانية في موريتانيا بأكثر من 22 مليون رأس، منها 1.4 مليون رأس من الإبل و1.8 مليون رأس من الأبقار و19.3 مليون رأس من الماعز والضأن.
تبسيط الإجراءات
قامت موريتانيا بمجموعة من الإجراءات لتسهيل الإجراءات على المستثمرين، من خلال إحداث عدد كبير من مشاريع البنيات التحتية وعصرنة الشبكة الطرقية، والموانئ والمطارات وموانئ البضائع والصيد التقليدي، كما تم فك العزلة عن مناطق الإنتاج من خلال إنشاء شبكة طرقية معبدة.
وأنشأت موريتانيا شباكا موحدا لمركزة إجراءات إنشاء المقاولات وخفض تكاليف خلق شركات جديدة وتقليص مدة إحداثها، وإلغاء إجبارية دفع الحد الأدنى لرأس المال بالنسبة للشركات ذات المسؤولية المحدودة، وإلغاء إجبارية الإشهار في الجريدة الرسمية، وتبسيط عملية الربط بشبكة كهربائية ذات جهد متوسط.
وخفضت موريتانيا معدل الفائدة التوجيهي إلى 9 %، وأنشأت شباكا موحدا على مستوى ميناء نواكشوط لتحصيل الرسوم والإتاوات، ومنح الحرية في تحويل الرساميل والأرباح، وضمان حرية الولوج إلي المواد الأولية، فضلا عن الإعلان عن إعفاءات جمركية وضريبية محفزة، والمساواة بين المستثمر الوطني والأجنبي في الامتيازات، وضمان حماية الملكية الفكرية.