هكذا أصبحت الرياضة رافعة لسوق الشغل بالمغرب

الاقتصاد الوطني - 11-01-2025

هكذا أصبحت الرياضة رافعة لسوق الشغل بالمغرب

اقتصادكم

 

وضع تنظيم كأس الأمم الأفريقية 2025 وكأس العالم 2030 المغرب في دائرة الضوء على المستويين الرياضي والاقتصادي والاجتماعي، حيث وفرت هذه الأحداث الكبرى للمملكة فرصة لتحفيز سوق الشغل وخلق فرص عمل جديدة.

بعيدًا عن البعد الرياضي، كيف يمكن لبطولة كأس العالم 2026 وكأس العالم 2030 أن تساهم في تحقيق تغيير مستدام في ديناميكية التوظيف في المغرب؟ يتطلب التحضير والتنظيم لهذه الفعاليات استثمارات ضخمة في مختلف القطاعات، مما سيؤدي إلى زيادة في الفرص الوظيفية، سواء كانت مؤقتة أو طويلة المدى.

من خلال استثمار يقدر بحوالي 3 إلى 5 مليارات دولار لتحديث الملاعب وتشييد بنية تحتية رياضية جديدة، سيكون قطاع البناء من أبرز المستفيدين. كما ستشمل المشاريع الكبرى مثل تمديد قطار البراق فائق السرعة من الدار البيضاء إلى أكادير، بالإضافة إلى تطوير شبكات الطرق والنقل العام. وتشير دراسة أجراها مرصد العمل الحكومي ومركز الحياة إلى أن هذه المشاريع ستوفر ما بين 50 ألفًا و80 ألف فرصة عمل مباشرة في قطاعات البناء والخدمات المرتبطة به.

ورغم أن هذه الأرقام قد تبدو متوقعة، فإن التجارب السابقة تُظهر تأثيرًا كبيرًا على التوظيف. ففي جنوب أفريقيا، تم خلق حوالي 120 ألف فرصة عمل في قطاع البناء خلال كأس العالم 2010، بينما في البرازيل، تم تشغيل نحو 200 ألف عامل استعدادًا لبطولة 2014. كما يُتوقع أن يزيد تدفق 1.5 مليون زائر للمغرب من الطلب على الوظائف في قطاعات الفنادق والمطاعم والسياحة.

من المؤكد أن الأحداث الرياضية تؤدي إلى زيادة في الوظائف المؤقتة، التي غالبًا ما تعتبر غير مستقرة. التحدي الحقيقي الذي سيواجه المغرب هو تحويل هذه الفرص المؤقتة إلى وظائف دائمة، كما حدث في بريطانيا خلال دورة الألعاب الأولمبية 2012، حيث تم إطلاق برنامج تدريبي مكثف سمح لآلاف الشباب بالاندماج بشكل مستدام في سوق العمل، خاصة في مجالي الفنادق والخدمات اللوجستية.

يمكن للمغرب الاستفادة من هذا النموذج لتعظيم الفوائد الاجتماعية لكأس الأمم الأفريقية وكأس العالم. كما يمكن أن يُستلهم من الشراكات بين القطاعين العام والخاص التي تم تنفيذها خلال دورة الألعاب الأولمبية في باريس 2024، والتي تضمن الانتقال من الوظائف المؤقتة إلى وظائف دائمة في القطاعات المتنامية مثل الطاقة المتجددة والنقل المستدام. لذلك، إلى جانب المباريات والجوائز، يجب أن تمثل هذه الأحداث نقطة تحول اقتصادية حقيقية، تؤكد أن وراء المشهد الرياضي يوجد مشروع اجتماعي ملموس. إذ بجانب الاستثمارات في الملاعب والقطارات والطرق، تظل أهمية بناء رأس مال بشري قوي ومستدام أمرًا لا يقل أهمية.