جدل "الإثراء غير المشروع" يندلع مجددا ومطالب بإعادته للبرلمان

الاقتصاد الوطني - 30-12-2021

جدل "الإثراء غير المشروع" يندلع مجددا ومطالب بإعادته للبرلمان

عودة الجدل حول الإثراء غير المشروع

اقتصادكم-حورية خير الله

اندلع من جديد الجدل الخاص بمقتضى تجريم الإثراء غير المشروع بالمغرب، فبعدما تم تجميده منذ 2016 وبقي حبيس الرفوف لسنوات، ليتم سحبه من مجلس النواب وما لحق الأمر من تداعيات ظهرت أصوات تتهم الحكومة بالالتفاف على المقتضى بغية إفراغ مشروع القانون الجنائي من محتواه.

ويشكل الإثراء غير المشروع هاجسا أمام كل دولة تسعى لتحقيق تنمية اقتصادية وتنمية مستدامة لذا اتفقت أغلب دول العالم على تجريم هذا الفعل للقضاء على منبع الفساد.

وتؤدي أضرار الإثراء غير المشروع التي تطال المال العام حتما إلى الإضرار بالاقتصاد الوطني وإضعافه، كما يفقد ثقة المواطنين في الإدارات العمومية ونزاهتها، الشيء الذي جعل حقوقيين وفاعلين جمعويين يدعون لضرورة التسريع بوثيرة الإفراج مقتضى تجريم الإثراء غير المشروع الذي طال انتظاره. 

الموضوع أخذ وقتا طويلا 

في سياق ذي صلة، يرى محمد الغلوسي رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، أن "الموضوع أخذ وقتا طويلا رغم أنه ورد في الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد ورغم أن الحكومة التزمت بتنزيل هذا المقتضى في مشروع القانون الجنائي."

"إلا أن الحكومتين السابقة والحالية أظهرتا غياب رغبة واضحة في مكافحة الفساد واتخاذ الإجراءات والتدابير الرامية إلى منع استمراره، والحد من الريع والرشوة في المغرب". يضيف الغلوسي في تصريح خاص لـ"اقتصادكم".

تجريم الإثراء غير المشروع مدخل لمحاربة الفساد
 ويقول الحقوقي عينه "هذا التلكؤ والتردد وسحب القانون يؤشر على غياب إرادة حقيقية للتصدي لظاهرة الفساد ببلادنا، على اعتبار أن تجريم الإثراء غير المشروع يعد مدخلا مهما لمواجهة ظاهرة الفساد ونهب المال العام." 

ليضيف ’’أن المغرب له التزامات دولية في هذا الجانب خاصة بعد مصادقته على اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد لذى اصبح ملزما من الناحية القانونية والأخلاقية أن يلائم تشريعه الوطني مع الاتفاقيات الدولية ذات الصلة بمجال مكافحة الفساد". 

 تشجيع للمستفيدين وتبذير للمال العام

من جهتها، قالت منظمة "ترانسبرانسي-المغرب" إن إقدام الحكومة على سحب مشروع القانون المتعلق بتتمیم وتغییر مجموعة القانون الجنائي من مجلس النواب، والمتضمن لمقتضیات تجریم الإثراء غیر المشروع، هو "تتویج للتجمید الذي عرفه القانون منذ عرضه على البرلمان سنة 2015.

وتابعت المنظمة الحقوقية، في بلاغ لها في 10 دجنبر أن الأمر "تعبیر عن لامبالاة الحكومة فیما یتعلق بإشكالیة محاربة الفساد المستشري بالمغرب، إن لم یكن تشجیعاً للمستفیدین من الفساد وتبذیر المال العام".

تحذيرات من آثار استمرار الفساد

وحذر محمد الغلوسي، رئيس الجمعية المغربية لحماة المال العام في حديثه لـ"اقتصادكم" من استمرار الفساد موضحا أن المطالب التي يسعون إليها كجمعية تتمثل في "إعادة هذا المقتضى للبرلمان ومناقشته والمحافظة على تضمينه عقوبات سالبة للحرية وغرامات مرتفعة، فضلا عن مصادرة كل الأشياء المتحصل عليها من جرائم الاختلاس والرشوة والجرائم الأخرى".

وشدد المتحدث ذاته أن" المقتضى  يجب أن ينص على مصادرة كل الثروات والممتلكات الناتجة عن الاثراء غير المشروع لتحقيق الردع العام والخاص." 

تلويح بإزالة مشروع قانون الإثراء غير المشروع

لوح عبد اللطيف وهبي، وزير العدل، بإمكانية إزالة مشروع قانون "الإثراء غير المشروع" من القانون رقم 10.16 المتعلق بتغيير مجموعة القانون الجنائي، وقال "إذا ارتأيت أن الإثراء بدون سبب له قيمة قانونية وسيلعب دورا اجتماعيا مهما، سأحافظ عليه ضمن مشروع القانون الجنائي، وإذا ارتأيت أنه لا ينص على ذلك، سأسحبه بكل جرأة وشجاعة، لأن هذه قناعة مطلقة".

واعتبر وهبي خلال جلسة لمجلس المستشارين في 30 نونبر 2021، أن النقاش الذي رافق سحب الحكومة لمشروع القانون الجنائي، هو "مجرد زوبعة في فنجان"، رافضا اختزال مشروع مراجعة القانون الجنائي في قضية تجريم الإثراء غير المشروع.