شعيب لفريخ
في تقييمه لنصف سنة من العمل الحكومي، طالب البيان الصادر عن المجلس الوطني لحزب "الحركة الشعبية" المنعقد يوم السبت الماضي، الحكومة إلى إجراء حوار وطني موسع لبلورة آليات تنزيل النموذج التنموي الجديد بعيدا عن منطق الأغلبية والأقلية واعتماد حوار اجتماعي غير تقليدي يدمج مختلف الإطارات والحساسيات الاجتماعية والمجالية، وبلورة سياسات عمومية لإدماج الشباب سياسيا وتنمويا، واحتضان مغاربة الخارج مؤسساتيا وتمكينهم من ممارسة كافة حقوقهم.
كما طالب بإجراء حوار قصد الحسم في الإصلاحات الكبرى لإنجاز إصلاح كل من صندوق المقاصة وملف التقاعد ومراجعة منظومة الأجور وملف الحماية الاجتماعية، وهو ما يستلزم نهج سياسة تواصلية بعيدا عن منطق الاستقواء العددي والهيمنة السياسية.
وطالب البيان أيضا بإعادة النظر في السياسات الاجتماعية المنتهجة وتوحيد برامج وصناديق الدعم الاجتماعي المشتتة بين الوزارات والمؤسسات وتوحيدها في آلية مؤسساتية واحدة ومؤطرة بمعايير واضحة وفق السجل الاجتماعي الموحد.
ودعا إلى إعمال صندوق المقاصة لتسقيف ودعم أسعار المحروقات التي تعرف تصاعدا في الأثمنة، وتفعيل دور مجلس المنافسة، وإعمال حكامة جيدة ومنصفة واتخاذ تدابير عاجلة في زمن الجفاف لدعم الفلاحين ومربي الماشية الصغار.
كما دعا إلى اعتماد خيار التوظيف الجهوي العمومي كمدخل للعدالة والانصاف المجالي وإحاطته بالضمانات القانونية والتنظيمية الكفيلة بتحقيق الاستقرار المهني والاجتماعي والمادي وتعميمه ليشمل كافة القطاعات والمؤسسات العمومية والترابية عبر إصلاح النظام الأساسي للوظيفة العمومية.
ووجه البيان انتقادات إلى برنامج "أوراش" و"فرصة" ودعم النقل المهني، ومدخول الكرامة وغيرها من البرامج، واصفا إياها بأنها محكومة بنظرة قطاعية ضيقة دون أفق يوفر لها الاستدامة؛ وأن ملف التعليم يجب أن يكون خارج الأجندات السياسوية والانتخابوية الضيقة.
وبخصوص الجهوية المتقدمة طالب البيان بتسريع وتيرة إنجاز الجيل الجديد وإقرار ميثاق اللاتركيز الإداري ومراجعة ميزانيات الجماعات الترابية وفق معايير ومؤشرات التنمية البشرية والمجالية بدل معيار عدد السكان؛ واعتماد المناصفة المجالية ووضع مخطط للجهات والمناطق التي طالها التهميش.
كما طالب من الحكومة تقديم مشروع قانون تعديلي لقانون المالية في أقرب الآجال لمراجعة التوقعات والمؤشرات وإعادة النظر في توجهاته وأولوياته واختياراته الاقتصادية والاجتماعية على ضوء واقع السنة الفلاحية الجافة.
وعلى المستوى السياسي وجه البيان عدة انتقادات حادة جدا وغير مسبوقة إلى الحكومة بسبب ما وصفه البيان ب " الهيمنة السياسية وعودة سياسة الحزب الوحيد إلى المغرب بتمظهرات جديدة مركزيا وجهويا ومحليا بمبررعددي ودون مضمون سياسي وهو ما يمس بجوهر التعددية السياسية.. ولا يترجم مختلف الحساسيات الفكرية والسياسية التي تخترق المجتمع بأجياله ودينامياته الجديدة"
وأبرز البيان، أن " حساسيات المجتمع تتطلب وسائط مؤسساتية وسياسة قادرة على تحصين مهام التأطير والتمثيل وحصر الصراع السياسي تحت سقف المؤسسات" مطالبا ب " تصحيح المسار الحكومي في بدايته والخروج من الوعود الانتخابية التي لا تستوعبها هشاشة الاقتصاد الوطني البنيوية".