اقتصادكم - صفاء الصبري
يعيش المغرب حالة ترقب على أكثر من مستوى، فبينما يراقب عن كثب تأخر الامطار التي تنذر بموسم جفاف صعب، تتجه أنظار الحكومة إلى أوكرانيا، التي قد تنشب فيها حرب في أي وقت ما سيكون له تأثير على واردات المغرب.
ويستورد المغرب ضعف حاجياته من القمح من الخارج إذ تعد أوكرانيا من بين الدول الرئيسية التي يعتمد عليها في استيراد الحبوب (إلى جانب فرنسا وروسيا)، ما يطرح التساؤل حول البدائل المتاحة للمغرب لتوفير هذه المادة الحيوية، خاصة وأن بوادر موسم جفاف تلوح في الأفق.
فهل ستلبي باقي الدول الموردة للحبوب حاجيات المغرب في ظل تزايد الطلب على هذه المادة على مستوى العالم.
- ضرورة الرفع من واردات الحبوب
ومن المحتمل أن يرفع المغرب من واردات الحبوب هذا الموسم حيث يهدد الجفاف مخزون الحبوب، بينما يمكن أن يؤدي الاعتماد المتزايد على الواردات إلى إجهاد الميزانيات الوطنية وزيادة تضخم أسعار المواد الغذائية.
ووصلت واردات المغرب من القمح إلى حجم قياسي بلغ 6.5 ملايين طن من القمح خلال الموسم الزراعي 2021-2020، أي ما يزيد بنحو 35 في المائة عن واردات 2020-2019.
اقرأ أيضا: تأخر التساقطات المطرية.. هذا ما قررته الحكومة
وفي نونبر الماضي، تم شحن الكميات الأكبر إلى مصر والمغرب، وهو ما جعله من أكبر 10 مستوردين للقمح الأوكراني.
وكانت المفوضية الأوروبية، قبيل موسم الحصاد الماضي، قد كشفت أن المغرب يعد ثالث أكبر مستورد للقمح الأوروبي بأكثر من 2.5 مليون طن خلال موسم 2019-2020.
اقرأ أيضا: من بينها المغرب.. دول شمال أفريقيا ستعيش أسوأ موجة جفاف اذا تأخرت الأمطار
وارتفعت واردات المغرب من القمح الأوروبي بعد تسجيل تراجع في متوسط المحصول المغربي من الحبوب في الهكتار الواحد، بانخفاض ناهز أكثر من 50 في المائة مقارنة بالموسم السابق.
من جهتها قدرت وزارة الزراعة الأمريكية احتياجات المملكة من واردت القمح لموسم 2021-و2022 بحوالي 4,5 ملايين طن قادمة أساسا من ثلاث دول وهي فرنسا وروسيا وأوكرانيا.
- واردات القمح ليست من أوكرانيا فقط
في هذا الصدد قال عمر الكتاني الخبير في الاقتصاد، إن المغرب لا يستورد القمح من أوكرانيا فقط وإنما من دول كثيرة منها الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا و فرنسا والأرجنتين، وهي من الدول الكثيرة الانتاج وتصدر بكمية كبيرة، رغم أن الإنتاج العالمي لهذا العام أقل من السنوات السابقة.
وأضاف الكتاني في حديث لـ "اقتصادكم"، أن ما يحدث من قلق بسبب هذه الظروف هو بسبب اعتماد الاقتصاد الوطني على الواردات خاصة في قطاع حيوي مثل الحبوب.
وأوضح الكتاني أنه بغض النظر عن الظرفية الخاصة، فإن الاعتماد على السوق الاجنبية بشكل كبير خاصة بالنسبة للحبوب يكرس تبعية المغرب لنسبة تساقط الأمطار التي ما تزال تتحكم في الاقتصاد الوطني رغم الجهود التي قام بها المغرب لتفادي ذلك.
اقرأ أيضا: تأخر التساقطات المطرية يثير مخاوف الفلاحين وينذر بخسائر اقتصادية
وانتقد الكتاني عدم اعتماد المغرب على البدائل والتكنولوجيا الضرورية لتجاوز تحكم الأمطار في الاقتصاد، مشيرا إلى أن اعتماده على الاستيراد في مادة حيوية مثل الخبز، وكذا على الأمطار التي تعرف تقلبات مستمرة هو أمر غير مقبول، وهو يضعف من تصور المغرب للقطاع الفلاحي.
من جهة ثانية تطرق الكتاني إلى أسعار الحبوب التي من المتوقع أن تعرف ارتفاعات صاروخية بسبب الإقبال العالمي على استيراد هذه المادة من دول بديلة عن أوكرانيا، مما سيزيد الطلب وبالتالي ارتفاع الأسعار، ومن يملك أكثر هو من سيستطيع الصمود.
- صحة الأراضي المغربية في أدنى مستوياتها
وحسب مؤشر "NDVI" لقياس الصحة الزراعية للأراضي الذي يعتمده مركز “غرو إنيتيلجينس”، فإن المناطق الخاصة بزراعة الحبوب بالمغرب في أدنى مستوياتها منذ سنة 2000.
ويُظهر المؤشر مستويات جفاف "شديدة" في معظم دول شمال إفريقيا وخاصة المغرب، في حال استمر تأخر الأمطار في الفترة المتبقية من الموسم حتى ماي المقبل.
وحسب المصدر ذاته فإنه استنادًا إلى مواعيد زراعة وحصاد المحاصيل، فإن محاصيل القمح والشعير هي الأكثر تعرضًا للخطر، كما هو موضح في تقويم المحاصيل العالمي.
ويعد المغرب أحد أكبر البلدان المنتجة للقمح في إفريقيا وأيضا مستوردًا كبيرًا للقمح بسبب اعتماد غذاء مواطنيه على الخبز لمصدر رئيسي للغذاء، وهو حاليًا في منتصف موسم زراعة القمح وهناك بالفعل علامات على إجهاد المحاصيل.
ويُظهر متصفح Gro's Climate Risk Navigator ، أنه شوهدت ظروف النمو المماثلة لهذا الوقت من العام في عام 2001، عندما كان حصاد القمح في المغرب 56٪ أقل من متوسطها لخمس سنوات، بينما ارتفعت الواردات 46٪ فوق المتوسط.