اقتصادكم
تشهد سلسلة إنتاج دجاج اللحم في المغرب أزمة بنيوية غير مسبوقة، وفق ما أكدته الجمعية الوطنية لمربي الدواجن، التي عبرت عن استيائها من الوضعية الاقتصادية الهشة للقطاع، محذرة من هيمنة “لوبيات قوية” تتحكم في مفاصله في غياب تام للرقابة والمساءلة، واعتبرت الجمعية أن هذا الاحتكار المستمر يقوّض التوازنات داخل السوق الوطني ويضعف المربين الصغار والمتوسطين.
وجاء في بلاغ صادر عنها أن الشركات الكبرى المنضوية تحت لواء الفدرالية البيمهنية لقطاع الدواجن (FISA) باتت تهيمن على السوق وتدافع عن مصالحها الخاصة، فيما يتم إقصاء المربين الذين يمثلون الحلقة الأضعف في سلسلة الإنتاج، وأشارت الجمعية إلى أن غياب آليات المراقبة سمح بتنامي ممارسات احتكارية أفرزت تفاوتات كبيرة في الأسعار وهوامش الربح.
وفي تصريح لموقع "اقتصادكم"، أوضح محمد أعبود، رئيس الجمعية الوطنية لمربي دجاج اللحم، أن شركات الأعلاف وكتاكيت التربية أصبحت تشتغل خارج أي رقابة حقيقية، مما أدى إلى تضخم غير مبرر في تكاليف الإنتاج، وأضاف قائلا: "قبل سنة 2008 كانت كلفة إنتاج الكيلوغرام الواحد من الدجاج لا تتجاوز 10.5 دراهم، وكان الهدف من مخطط المغرب الأخضر خفضها إلى 8 دراهم قبل سنة 2012، لكن الواقع اليوم مختلف تماما، إذ تجاوزت التكلفة 20 درهماً منذ سنة 2024".
وأكد أعبود أن غياب تمثيلية حقيقية للمربين داخل الفيدرالية جعل الحوار مع وزارة الفلاحة منحازا بالكامل للشركات الكبرى، وهو ما أدى إلى تكريس هيمنة عدد محدود من الفاعلين الاقتصاديين على حساب المنتجين الصغار، كما نبه إلى أن السوق السوداء للكتاكيت تشهد انتشارا مقلقا، حيث يتم بيع كميات ضخمة خارج القنوات القانونية، مما تسبب في إفلاس نحو 50% من المربين وتكبيد القطاع خسائر قاربت 530 مليار سنتيم حتى متم غشت 2020.
وأشار إلى أن استمرار هذه الوضعية سيؤدي إلى تفاقم الاختلالات داخل السوق الوطنية، خاصة أن تكلفة الكتكوت في الظروف العادية "ينبغي ألا تتجاوز 0.17% من كلفة إنتاج الكيلوغرام الواحد من الدجاج الحي، كما هو معمول به في الأسواق الأوروبية"، مضيفا أن هذه النسبة تبقى بعيدة عن الواقع المغربي بسبب "الاحتكار الممنهج والتلاعب بالأسعار وجودة العرض في ظل غياب تطبيق فعلي لقانون التتبع رقم 28-07".
وأوضح أعبود أن الجمعية كانت قد تقدمت خلال المناظرة الوطنية للتاجر بمراكش سنة 2019 بمقترح يروم مراجعة الرسوم الجمركية على كتاكيت دجاج اللحم لتشجيع المنافسة وخفض كلفة الإنتاج، غير أن الفيدرالية البيمهنية رفضت المقترح، ومنذ ذلك الحين، يضيف المتحدث، "أصبح السوق يعيش على وقع مضاربات حادة، حيث يتغير سعر الكتكوت من 7 إلى 12 درهما في الأسبوع الواحد، وتجاوز في سنة 2024 حاجز 14 درهما رغم أن كلفته الحقيقية لا تتعدى 3 دراهم".
وأكد المتحدث في تصريحه للموقع على أن هذا الوضع "يمنح أرباحا خيالية لعدد محدود من الشركات على حساب آلاف المربين الصغار والمستهلك المغربي"، داعيا الحكومة ووزارة الفلاحة إلى التدخل العاجل لإعادة تنظيم السوق وضمان منافسة شفافة تحمي الإنتاج الوطني والأمن الغذائي للبلاد.