اقتصادكم
في ظل الضغوط المناخية وارتفاع الطلب على المياه، يختار المغرب مسارا جديدًا يقوم على الدمج بين التحلية والطاقة النظيفة، في مسعى لتأمين مياه الشرب وتعزيز الاستقلالية المائية.
هذا التوجه ينسجم مع طموحات البلاد للتحول البيئي وتحقيق أمن غذائي وصناعي مستدام.
وفي هذا الصدد، كشفت منصة “الطاقة” أن المغرب يواصل تعزيز دوره في خفض الانبعاثات وتطوير حلول مبتكرة لمواجهة تغيّر المناخ، خاصة بعد سبع سنوات متتالية من الجفاف.
وأفادت المنصة المتخصصة بأن المملكة تستند اليوم إلى محطات تحلية تعمل بالطاقة المتجددة لضمان إمدادات مائية مستقرة وموثوقة.
وذكرت أن وزير التجهيز والماء نزار بركة أعلن خطة طموحة لرفع مساهمة المياه المحلاة إلى 60% من مياه الشرب بحلول عام 2030، بعدما لم تكن تتجاوز 25% في السابق، مؤكدا أن هذا التحول يُشكل حجر الزاوية في حماية الأمن المائي الوطني.
وذكرت “الطاقة” أن هذا التوجه يتزامن مع تسريع الاستثمار في مشاريع التحلية، بما يعزز قدرة المغرب على تلبية الطلب المحلي المتزايد، ويدعم مكانته بوصفه منتجا ومُصدراً رئيسا للمنتجات الطازجة، رغم التقلبات المناخية التي تُهدد الإنتاج الزراعي.
وواصلت أن الوزير بركة كشف، على هامش المؤتمر العالمي للمياه في مراكش، عن خطة لإنتاج 1.7 مليار متر مكعب من المياه المحلاة سنويًا بحلول 2030، اعتمادًا على المحطات الجاري إنشاؤها ومشاريع ستُعلن مناقصاتها ابتداءً من 2026.
وأبرز التقرير أن أكبر محطة مرتقبة ستُقام قرب تزنيت، باستثمار يصل إلى 10 مليارات درهم (نحو مليار دولار)، وبقدرة إنتاجية تبلغ 350 مليون متر مكعب سنويًا، في خطوة تُعدّ من بين أضخم المشاريع المائية في تاريخ المملكة.
وأكد أن الدراسات التقنية والهندسية جارية للإعلان الرسمي عن مناقصة المشروع منتصف العام المقبل، في إطار تعبئة حكومية واسعة لتأمين مناطق الجنوب بالمياه، خصوصًا مع اتساع رقعة الجفاف في السنوات الأخيرة.
ولفت إلى أن برنامج التحلية يشمل أيضًا مشاريع جديدة في الرباط بالشراكة مع مجموعة “فيوليا” الفرنسية، إضافة إلى محطات مرتقبة في الناظور وطنجة وطانطان، حيث تدرس الحكومة إنشاء ميناء مخصّص لصادرات الهيدروجين الأخضر والأمونيا.
وأضاف أن المغرب يشغل حاليا 17 محطة تحلية بطاقة إجمالية تبلغ 345 مليون متر مكعب سنويًا، فيما توجد أربع محطات إضافية قيد الإنشاء، بطاقة 540 مليون متر مكعب، ينتظر أن تدخل الخدمة بحلول 2027، ومن أبرزها محطة الدار البيضاء الكبرى.
كما أورد أن جميع المحطات الجديدة ستشتغل حصريًا بالطاقة المتجددة، في إطار توجه وطني يرمي إلى تقليل كلفة الإنتاج وتقليص البصمة الكربونية، وتعزيز التكامل بين قطاعي الماء والطاقة.
وذكر المصدر عينه أن المغرب يواجه تحديا إضافيا يتمثل في ارتفاع درجات الحرارة وتزايد معدلات التبخر في السدود، وهو ما يفقد البلاد نحو 30% من المياه السطحية سنويًا، ما دفع الحكومة إلى تركيب ألواح شمسية عائمة قرب طنجة للحدّ من هذا الهدر المائي.
وأشار إلى أن هذه التجربة ستكون نموذجا أوليًا قبل تعميمها على سدود أخرى في الجنوب والمناطق الجبلية، بهدف تعزيز القدرة الوطنية على تخزين المياه وتقليل الخسائر المرتبطة بالتغير المناخي.
وفي سياق متصل، أكدت المبعوثة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة للمياه، ريتنو مارسودي، أن المغرب يقدم نموذجا عالميًا في توظيف الطاقات المتجددة لدعم منظومة تحلية مياه البحر، مشيدةً بالنتائج المتقدمة التي حققها على هذا المستوى.
وأضاف التقرير أن اعتماد المغرب على الشمس والرياح في تشغيل محطات التحلية يمنحه موقعا رائدًا بين الدول التي تواجه تحديات مائية مشابهة، خصوصًا مع الانتقال من 30% إلى 60% من مياه الشرب عبر التحلية خلال خمس سنوات فقط.