التداول الرقمي والمؤثرون.. رحلة البحث عن الحرية المالية الوهمية (1)

ملفات خاصة - 23-09-2024

التداول الرقمي والمؤثرون.. رحلة البحث عن الحرية المالية الوهمية (1)

اقتصادكم

 

تواصل ظاهرة التداول عبر مجموعة من المنصات الرقمية بالانتشار الواسع في المغرب حيث أصبحت توفر فرص استثمارية وتدر مداخيل محترمة على أصحابها، بيد أن هذه الظاهرة، غير المقننة بشكل رسمي، تحولت عبر مواقع التواصل الاجتماعي إلى أرض صيد حقيقية لجيل جديد من "الخبراء الماليين الزائفين".

ونشرت "Finances News Hebdo" تحقيقا كاملا للزميل يوسف صديق تحت عنوان "Influenceurs de trading : les loups d’Instagram"، تتناول فيه أشكال النصب الجديد الذي يتعرض له مجموعة من الشباب عن طريق المؤثرين المتداولين على المنصات الرقمية.

التحقيق، الذي سنقوم بنشره على مراحل، أماط اللثام عن جيل جديد من المتداولين الزائفين عبر منصات مثل FOREX و CRYPTO، غالبًا لا يتوفرون على أي تحصيلات جامعية ودبلومات في مجال التمويل والتداول، ويعتمدون على الكثير من الإعلانات، لا يترددون في بيع حلم المال السهل والحرية المالية بنقرة واحدة فقط. 

ومع ذلك، وراء هذه الوعود، يضيف التحقيق، يصطدم الشباب بواقع مختلف تمام، يخفي خسائر مالية كبيرة، وممارسات خادعة، وتلاعبًا نفسيًا متعمدًا. 

وحصر التحقيق هؤلاء المتداولين (بناء على إحصاء حوالي مائة في المغرب) في أعمار تتراوح بين 25 إلى 40 عاما، وغالبا ما لا يحصلون على تدريب رسمي في مجال التمويل أو الاقتصاد. وتعتمد شرعية عملهم على الصورة التي يسوقونها لأنفسهم أكثر من كونها خبرة حقيقية يتقاسمونها مع الشباب قصد تعميم الفائدة. بدأ البعض حياتهم المهنية كمدونين أو مدربين للحياة قبل أن يغامروا بدخول المجال المالي، بعد أن أغرتهم وعود المكاسب السريعة وهالة النجاح التي يتوقعونها.

وتدفع الرغبة في كسب المال بطريقة سهلة وسريعة وتجربة الحرية المالية، هؤلاء إلى الاعتقاد أن المتداولين يوفرون فرصة حقيقية لمشتركيهم، حيث اعتبرت عالمة الاجتماع وأخصائية الإدمان فاطمة الوردي، أن "الكثير منهم يدركون المخاطر، لكن الإغراء يكمن في فرصة كسب المال السهل بسرعة مغرية للغاية لا يمكن تجاهلها".

وأدى الافتقار إلى تنظيم هذا المجال والتعليم المالي المتعمق إلى تفاقم الوضع، حيث حول المنصات الاجتماعية إلى أرض عالية المخاطر للمستثمرين عديمي الخبرة.

الحلم .. حياة فاخرة في متناول اليد

يتم تصميم منشورات هؤلاء المؤثرين بدقة وذكاء لتثير الإلهام والإثارة، حيث ينشر هؤلاء المؤثرون صور ومقاطع فيديو لمكاسبهم المالية المبهرة التي يتم تحقيقها في دقائق بالإضافة إلى مظاهر الحياة الباذخة، سفريات وفنادق وسيارات فاخرة، وهو ما يغذي حلم الثراء السهل دون قيود.

ووفقا لدراسة أجرتها هيئة الأسواق المالية الفرنسية (AMF)، فإن حوالي 90٪ من المتداولين الأفراد ينتهي بهم الأمر إلى خسارة الأموال. على الرغم من هذه الإحصائيات، يواصل المؤثرون الترويج لـ "أساليبهم السرية" باعتبارها مفاتيح للاستقلال المالي، ويتجاهلون (عن قصد في بعض الأحيان) شرح المخاطر العالية المرتبطة بمنتجات التداول مثل الفوركس أو العملات المشفرة أو المشتقات المالية الأخرى.

ويضيف التحقيق أن هؤلاء المؤثرين لا يبيعون طرق التداول والدورات التكوينية فقط؛ بل يعملون على بناء مجموعات من المتابعين باستخدام تقنيات تسويقية متطورة، بما في ذلك على قنوات Telegram أو WhatsApp. تتضمن هذه الاستراتيجيات جلسات أسئلة وأجوبة مباشرة، ومجموعات حصرية على منصات المراسلة، وندوات عبر الإنترنت، كلها مصممة لبناء الثقة وخلق شعور بالانتماء للمجتمع، ويشاركون استراتيجيات مالية مضمونة (autocopy، autogold، algoplus، autotrader).

بالإضافة إلى ذلك، يعرف المؤثرون كيفية التلاعب بمشاعر ورغبات مشتركيهم، باستخدام قصص النجاح والأدلة الاجتماعية والعروض الحصرية.

يتبع