اقتصادكم
بالإضافة إلى مخصصات الميزانية، تقوم الدولة بتعبئة الأراضي العامة لتنفيذ المشاريع التنموية، حيث شهدت المناطق التي لا تساهم بشكل كبير في الناتج المحلي الإجمالي نمواً ملحوظاً، وتجاوزت بعض هذه المناطق المتوسط الوطني للنمو.
يعد الاستثمار العمومي أداة حيوية لتحقيق التنمية الإقليمية وتقليص الفوارق بين المناطق. كما يشكل محفزًا لتشجيع الاستثمار الخاص، وعلى الرغم من الوضع الاقتصادي الصعب وتوالي الأزمات، عززت الحكومة في إطار قانون المالية 2024 و2025 الميزانية المخصصة للمشاريع العمومية بمبلغ 340 و335 مليار درهم على التوالي، أي بزيادة قدرها 12%. إلى جانب ذلك، قامت الدولة في عام 2023 بتعبئة أكثر من 13438 هكتارًا من الأراضي العمومية، مما ساعد في تنفيذ 466 مشروعًا بغلاف مالي قدره 37.8 مليار درهم، وأسفر عن خلق 20500 فرصة عمل. كما ساهمت الشركات والمؤسسات العامة في هذا الجهد الاستثماري، حيث قامت بتعبئة 598 مليار درهم بين عامي 2017 و2022.
وقد اختار المغرب الجهوية المتقدمة كخيار استراتيجي، وهو ما تم تأكيده في الدستور. ومنذ إطلاق هذا المشروع الكبير قبل عقد من الزمن، لعب الاستثمار العمومي دورًا كبيرًا كرافعة للتنمية، وتظهر هذه النتائج في التطورات التي نشهدها اليوم، حيث تمتلك بعض المناطق القدرة التنافسية على المستوى الدولي في العديد من القطاعات.
وفي هذا السياق، قال عادل حيدان، مدير الدراسات والتوقعات المالية بوزارة الاقتصاد والمالية، أن بنية الإنفاق الاستثماري العمومي تعكس بوضوح رغبة الدولة في دعم المناطق الأقل مساهمة في تكوين الثروة الوطنية.
كما أضاف أن تعبئة الأموال تركز بشكل خاص على تقليص العجز في البنية التحتية الأساسية وتطوير الاستراتيجيات القطاعية، بالإضافة إلى دعم القطاعات الاجتماعية. وتستهدف هذه الاستثمارات مجالات مثل الطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر، مع التركيز على الأنشطة الرئيسية للاقتصاد الوطني مثل السياحة، الصناعة، التعدين والخدمات.
وتجدر الإشارة إلى أن المناطق التي تساهم بشكل ضئيل في الناتج المحلي الإجمالي قد شهدت نموًا متسارعًا يتجاوز المتوسط الوطني البالغ 3.6%. على سبيل المثال، سجلت جهة العيون الساقية الحمراء نموًا بنسبة 9.1% بين 2014 و2022، بينما حققت الداخلة-واد الذهب 5.4%، وكلميم-واد نون 5.6%، ودرعة تافيلالت 5.2%.
وأكد حيدان أن هدف الدولة هو تحقيق التوازن بين الميزانية المخصصة وخلق الثروة، مع ضمان كفاءة الاستثمارات العامة، يضيف المتحدث ذاته: "هناك إرادة قوية لتعزيز ودعم ديناميكيات التنمية في المناطق". ولتحقيق هذا الهدف، اتخذت المملكة مجموعة من التدابير لتعزيز جاذبية المناطق، تشمل تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص، تسريع تنفيذ ميثاق الاستثمار، تحسين مناخ الأعمال في إطار خريطة الطريق 2023-2026، إصلاح مراكز الاستثمار الجهوية، وإنشاء المركز الوطني للاستثمار، إلى جانب إنشاء مرصد الاستثمار وصندوق محمد السادس للاستثمار.
وأوضح حيدان أن الاستثمار العام يتم وفقًا للاحتياجات الفعلية لبرامج التنمية الإقليمية (PDR)، حيث تعطى الأولوية لبعض المناطق أكثر من غيرها. إلى جانب البنية التحتية الأساسية، تركز المشاريع أيضًا على تنمية رأس المال البشري، وفي الوقت نفسه على تحسين عملية الاستثمار. ويتم تنفيذ هذه المشاريع بالتنسيق مع الحكومة. وفي ختام حديثه، يخلص حيدان إلى أن الجهوية المتقدمة ليست مسؤولية جهة واحدة، بل هي مسؤولية جميع الفاعلين.