المغرب يبحث عن حصة أكبر من سوق ترحيل الخدمات الدولي

آخر الأخبار - 15-12-2025

المغرب يبحث عن حصة أكبر من سوق ترحيل الخدمات الدولي

اقتصادكم

 

يسعى المغرب إلى الحصول على حصة أكبر من سوق الخدمات الخارجية من خلال عرض عمومي جديد يركز على القيمة المضافة أكثر من التركيز على عامل الكلفة. ويضع هذا العرض أهدافاً طموحة تتمثل في إحداث 130 ألف منصب شغل، والارتقاء بجودة الخدمات، وتسريع الانتقال نحو الذكاء الاصطناعي، مع تعزيز موقع المملكة كمحور إقليمي رائد في مجال الأوفشورينغ.

ويهدف المغرب إلى إعادة توجيه نموذج هذا القطاع نحو مجالات أكثر تطوراً وتعقيداً، مثل تدبير المعطيات، والأمن السيبراني، وخدمات الاستعانة بمصادر خارجية في مجال تكنولوجيا المعلومات، وأتمتة العمليات، والخدمات الهندسية، والبحث والتطوير بنظام القرب الجغرافي. وباختصار، فإن الحفاظ على التنافسية يمر حتماً عبر الارتقاء بجودة العرض والخدمات المقدمة.

وفي هذا الإطار، توضح الحكومة من خلال العرض الجديد شروط الاستفادة من الحوافز، وذلك في إطار برنامج “المغرب الرقمي 2030” الذي يشكل خارطة طريق تهدف إلى جعل الرقمنة رافعة أساسية للنمو الاقتصادي. ويشمل هذا البرنامج امتيازات ضريبية، وآليات لدعم التشغيل، وتعزيز حكامة القطاع.

وإلى غاية 31 دجنبر 2030، ستستفيد شركات الأوفشورينغ من حزمة حوافز جد مشجعة، من بينها تحديد الضريبة على الدخل في سقف 20 في المائة داخل المنصات الصناعية المندمجة الرئيسية مثل كازانييرشور، وتخفيضها إلى 10 في المائة في المنصات الثانوية كفاس شور، ووجدة شور، وتطوان شور. كما تتحمل الدولة 56 في المائة من الضريبة على الشركات، في حين تنص منحة التشغيل على دعم يعادل 17 في المائة من الدخل الإجمالي الخاضع للضريبة عن كل منصب شغل قار يتم إحداثه. ويضاف إلى ذلك منحة للتكوين بنسبة 3,5 في المائة من الدخل الإجمالي السنوي الخاضع للضريبة لفائدة المستخدمين الجدد.

ويهدف هذا التوجه إلى إحداث 130 ألف منصب شغل إضافي، من بينها 50 ألف منصب في أفق سنة 2026، مع رفع رقم معاملات القطاع إلى 40 مليار درهم. ورغم أن بعض المراقبين يعتبرون هذه الأرقام مرتفعة في ظل التوترات التي يعرفها سوق الشغل ونقص الكفاءات في مجال تكنولوجيا المعلومات، فإن الفاعلين في القطاع يرون أن الطموح ضروري لمواكبة التحولات العالمية.

ويأتي هذا التوجه في سياق اشتداد المنافسة الدولية لاستقطاب الخدمات المُرحلة، حيث يسرّع المغرب وتيرة تحوله. فبعد الإعلان عن هذا العرض في يوليوز 2025، دخلت مؤخراً حيز التنفيذ الدورية الجديدة التي تفصل معالم “عرض الأوفشورينغ المغربي”. ومن خلال هذا الإطار، يعلن المغرب بوضوح رغبته في الانتقال من مجرد منصة لخدمات تدبير العلاقة مع الزبناء، المعروفة بمراكز النداء، إلى قطب قاري لخدمات تعهيد العمليات، والهندسة الرقمية، والخدمات ذات القيمة المضافة العالية.

وترتكز هذه التحولات على منظومة متكاملة من الحوافز الضريبية والبشرية والبنيات التحتية، تهدف إلى إعادة تموقع المغرب ضمن فئة الخدمات الراقية في مجال “النيارشورينغ”. ويأتي ذلك في لحظة مفصلية تتسم بارتفاع الطلب الأوروبي على خدمات القرب منخفضة التكلفة نسبياً، وبالتوازي مع الصعود المتسارع للذكاء الاصطناعي.

وفي هذا السياق، يؤكد يوسف الشرايبي، رئيس مجموعة أوتسورسيا ورئيس الفيدرالية المغربية لترحيل الخدمات، أن هذا التحول أصبح ضرورة ملحة، مشيراً إلى أن القطاع كان في حاجة إلى نفس جديد في ظل احتدام المنافسة، خاصة داخل القارة الإفريقية، حيث تعرض بعض الدول تكاليف إنتاج أقل بثلاث مرات مقارنة بالمغرب. وأمام التحولات العميقة التي تعرفها الأسواق، بفعل الأتمتة والبيانات والذكاء الاصطناعي، كان لزاماً على المغرب إعادة النظر في نموذج جاذبيته.

ويضيف الشرايبي أن العرض الجديد يهدف إلى إعادة تموقع المغرب ليس على أساس الكلفة، بل على أساس القيمة، أي جودة الخدمة العالية والكفاءات الهجينة التي تجمع بين البعد البشري والتكنولوجي. وبذلك، لا يقتصر هذا العرض على تنشيط قطاع يعرف دينامية أصلاً، بل يسعى إلى توجيهه نحو مجالات أكثر تطوراً ورواجاً لدى المستثمرين الأجانب في مجال الخدمات الخارجية.

عن FNH  بتصرف