اقتصادكم - أسامة الداودي
رغم تخصيص ميزانيات للتشغيل والاستثمار، يبقى السؤال الأساسي حول قدرة مشروع قانون المالية 2026 على تحويل الأرقام إلى فرص عمل حقيقية للشباب في الجهات الداخلية، مع ضمان العدالة المجالية وتقليص التفاوتات الاقتصادية.
وفي هذا السياق، أبرز رئيس الفريق الحركي بمجلس النواب، إدريس السنتيسي، في تصريح لموقع "اقتصادكم"، أن مشروع قانون المالية يُعد في جوهره التجسيد الفعلي والأجرأة المرقمة لسياسات الحكومة وبرامجها ومخططاتها.
غياب الابتكار يضعف أثر السياسات الحكومية
غير أن غياب الابتكار، وفق قوله، في هذه السياسات، خاصة في ما يتعلق بالتشغيل، يجعل من الصعب تحويل الأرقام المضمّنة في هذا المشروع إلى نتائج واقعية.
فالأمر، حسب السنتيسي، لا يتعلق فقط بتخصيص اعتمادات مالية أو مناصب للتوظيف، بل بقدرة السياسات العمومية على ترجمة هذه الأرقام إلى فرص شغل حقيقية على أرض الواقع.
مناصب جديدة دون سياسة تشغيل شاملة
وتابع رئيس الفريق الحركي موضحاً أن مشروع قانون المالية الحالي تضمّن مناصب مالية جديدة في القطاع العام، غير أن معظمها سيوجه إلى قطاعي الصحة والتعليم، وهو ما ينسجم مع مخرجات المجلس الوزاري الذي ترأسه الملك محمد السادس، والذي أولى أهمية خاصة لهذين القطاعين الحيويين.
ولم يمنع ذلك السنتيسي من التأكيد بأن هذا التوجه، وبالرغم من أهميته، لا يُعفي الحكومة من ضرورة بلورة سياسة تشغيل واضحة وشاملة، تأخذ بعين الاعتبار فئات الشباب، وتوفر لهم مسارات إدماج فعالة داخل سوق العمل.
وواصل المتحدث ذاته أن إشكالية التشغيل في المغرب ما تزال تمثل إحدى أكبر التحديات، إذ لم تُبد السياسة الحكومية ولا مشروع قانون المالية ذاته القدرة الكافية على معالجتها بفعالية.
وشدد السنتيسي على أن السؤال الجوهري الذي ينبغي طرحه هو مدى انعكاس الأرقام والمؤشرات المالية على حياة المواطنين، خاصة في ما يتعلق بتشغيل الشباب، وتحفيز الاستثمار العمومي والخاص والأجنبي لتوليد فرص عمل مستدامة.
الحاجة إلى جرأة ومحاسبة في تنزيل الأولويات
وأشار رئيس الفريق الحركي إلى أن مشروع قانون المالية، رغم حرصه الظاهر على الحفاظ على التوازنات الكبرى، يفتقر إلى الجرأة اللازمة لمواجهة الأولويات الحقيقية للمجتمع، وعلى رأسها قضايا الشباب والعدالة المجالية.
وأضاف أن الإجراءات المقترحة ما تزال كلاسيكية وتقليدية، ولا تخلق دينامية اقتصادية حقيقية في عدد من الجهات التي تعاني من ضعف الاستثمار وغياب فرص الشغل.
وبالنسبة لموقف الفريق الحركي، أوضح السنتيسي أن الحزب سيقدّم تعديلات على مشروع القانون المالي، على غرار ما فعله في السنوات السابقة، بهدف إعادة توجيه الأولويات نحو التشغيل المنتج والعدالة الترابية.
ولفت إلى أن التنمية الحقيقية لا تتحقق بالأرقام والنسب فقط، بل بتكافؤ الفرص بين جميع الجهات، وبتمكين المواطن من حقه في الشغل الكريم والخدمات الأساسية في كل منطقة من المغرب.
وزاد موضحاً أن الفريق الحركي يأمل أن تتعامل الحكومة هذه المرة بقدر أكبر من الانفتاح مع مقترحات المعارضة، وأن تكسر حاجز الرفض الذي طبع تفاعلها في تجارب سابقة، لأن الرهان في النهاية ليس سياسياً بقدر ما هو تنموي، يهم مستقبل الأجيال وفرصهم في وطن متوازن وعادل.