اقتصادكم
كشف تقرير صادر عن مؤسسة “فريدريش ناومان” أن المغرب عرف تطورا ملحوظا في مسار الانفتاح التجاري على مدى العقود الثلاثة الماضية، خاصة مع الشركاء الأوروبيين، من خلال توقيع أزيد من 54 اتفاقية للتبادل الحر. ورغم أن هذا الانفتاح أسهم في جذب الاستثمارات وتحديث الصناعة، إلا أن التقرير يشير إلى أن صغار الفلاحين لم يستفيدوا بشكل كاف من هذه التحولات الاقتصادية.
وأكد المصدر ذاته، أنه في سياق تطور العلاقات التجارية، برزت اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي عام 2000 كمنعطف رئيسي، حيث ارتفعت نسبة التجارة من الناتج المحلي الإجمالي من 59% إلى 79% خلال أقل من عقدين. وقد تمكن المغرب من تعزيز صادراته الصناعية، خصوصا في قطاع السيارات، الذي شهد طفرة نوعية بفضل مصنع رينو-نيسان بطنجة، إلا أن هذا النمو ظل غير متوازن، إذ بقيت المناطق الريفية على هامش الاستفادة.
ومن جهة أخرى، أبرز التقرير نجاح المغرب في تصدير الفواكه والخضروات، خاصة من مناطق مثل سوس-ماسة والعرائش، نتيجة تطوير البنية التحتية اللوجستية. ومع ذلك، تبقى استفادة صغار الفلاحين محدودة بسبب افتقارهم إلى وسائل مثل النقل المبرد والري الحديث، مما يؤدي إلى خسائر كبيرة بعد الحصاد قد تصل إلى 30%.
وعلاوة على ذلك، نبه التقرير إلى أن التركيز على المناطق الساحلية دون تأهيل المناطق الداخلية يزيد من حدة الفجوة الاقتصادية. كما أن تجربة المغرب في قطاع النسيج مع تركيا تظهر أن غياب إعداد محلي قوي يمكن أن يؤدي إلى خسائر، كما حدث بانخفاض عدد مناصب الشغل من 200 ألف إلى 140 ألف.
واستنادا إلى هذه المعطيات، أوضح التقرير أن الانفتاح التجاري لا يجب أن ينظر إليه كهدف بحد ذاته، بل كوسيلة تتطلب سياسات مرافقة عادلة. ولتحقيق تنمية شاملة، أوصى التقرير بربط المزرعة بالمصنع، والساحل بالمناطق الداخلية، عبر بنية تحتية متكاملة واستثمارات موجهة لدعم الفلاحين الصغار، وتوسيع شبكات التبريد والطرق، حتى تصبح الاتفاقيات التجارية أدوات لتعزيز العدالة الاقتصادية، لا لتكريس الفوارق.