اقتصادكم
كشف تقرير صادر عن المعهد الصيني الإفريقي للبحوث الصناعية أن المغرب دخل مرحلة غير مسبوقة في معركته ضد ندرة المياه، عبر إطلاق برنامج يوصف بالأكثر جرأة في شمال إفريقيا لتحلية مياه البحر.
وأبرز التقرير أن المغرب انتقل من الحلول الظرفية إلى استثمارات هيكلية ضخمة، حيث أصبح يتوفر، إلى حدود دجنبر الجاري، على 17 محطة لتحلية المياه قيد التشغيل، بطاقة إنتاجية سنوية تناهز 345 مليون متر مكعب، وفي المقابل، تتواصل أشغال إنجاز أربع محطات إضافية، من بينها المشروع العملاق المرتقب بمدينة الدار البيضاء، الذي سيصل إنتاجه إلى 540 مليون متر مكعب سنويا، على أن يدخل الخدمة قبل سنة 2027.
ولم تتوقف طموحات الرباط عند هذا الحد، إذ أشار التقرير إلى أن الحكومة تعتزم خلال السنوات المقبلة طرح مناقصات لإنجاز ما لا يقل عن تسع محطات جديدة، في أفق بلوغ قدرة إجمالية تصل إلى 1.7 مليار متر مكعب من المياه المحلاة بحلول عام 2030، وهو رقم غير مسبوق في المنطقة.
وفي سياق متصل، لفت المعهد إلى أن أضخم مشروع تحلية في المملكة يتم إنجازه جنوب مدينة تيزنيت، باستثمار يناهز 10 مليارات درهم، أي ما يقارب مليار دولار، وصمم المشروع بطاقة إنتاجية تبلغ 350 مليون متر مكعب سنويا، ولن يقتصر دوره على تزويد المدن الساحلية المطلة على الأطلسي بالماء الصالح للشرب، بل سيمتد أثره إلى المناطق الداخلية، حيث سيتم توجيه جزء من المياه المحلاة لدعم النشاط الفلاحي عبر شبكة واسعة من القنوات والأنابيب.
وتوقف التقرير أيضا عند إشكالية الكلفة المرتفعة لتحلية المياه، التي ظلت لعقود عائقا أمام توسع هذا الخيار، مبرزا أن المغرب تبنى مقاربة مبتكرة تقوم على دمج الطاقات المتجددة ضمن هذه المشاريع.
وفي هذا الإطار، أشار إلى تجربة الألواح الشمسية العائمة فوق السدود، والتي أظهرت نتائج مشجعة في سد قريب من طنجة، حيث ساهمت في تقليص التبخر بنسبة 30 في المائة، ما يسمح بتوفير حوالي مليار متر مكعب من المياه السطحية سنويا على الصعيد الوطني، مع توجه لتعميم هذه التقنية في السدود الجنوبية والجبلية.
ورغم الصورة الإيجابية، لم يخف التقرير حجم التحديات التي تواجه هذا الورش الوطني، وعلى رأسها التمويل، فمشروع تيزنيت لوحده يتطلب استثمارا يناهز مليار دولار، بينما تقدر الكلفة الإجمالية اللازمة لتحقيق هدف 1.7 مليار متر مكعب بأكثر من 20 مليار دولار، وأوضح المصدر أن المغرب يعمل على تعبئة موارد مالية متنوعة، تشمل مؤسسات دولية وصناديق سيادية خليجية وصناديق أوروبية خضراء، مع تحمل الدولة الجزء الأكبر من العبء الاستثماري.