عجز أنظمة التقاعد يتجاوز 60 مليار درهم وينذر بأزمة هيكلية

آخر الأخبار - 05-08-2025

عجز أنظمة التقاعد يتجاوز 60 مليار درهم وينذر بأزمة هيكلية

 

اقتصادكم 

 

وسط النقاش الوطني المتجدد حول مستقبل الحماية الاجتماعية، يكشف التقرير السنوي الثاني عشر حول الاستقرار المالي لسنة 2024 عن صورة مقلقة بخصوص وضعية أنظمة التقاعد في المغرب، رغم بعض التحسن المؤقت في مؤشرات مالية محدودة. فرغم الجهود الإصلاحية المتفرقة، ما تزال هذه الأنظمة تعاني من اختلالات بنيوية تهدد استدامتها، خاصة في ظل تصاعد الالتزامات وتراجع الاحتياطات.

وهذا ما أكده تقرير الاستقرار المالي الصادر عن بنك المغرب، وهيئة مراقبة التأمينات والاحتياط الاجتماعي، والهيئة المغربية لسوق الرساميل، حيث أشار إلى أن أنظمة التقاعد الأساسية واصلت تسجيل عجز تقني وهيكلي خلال عام 2024، على الرغم من تنفيذ الشطر الأول من الزيادات في الأجور في أعقاب الحوار الاجتماعي ليوم 29 أبريل من نفس السنة. وهي زيادات، يوضح التقرير، لم تنعكس إيجابيا على المدى الطويل، بل ساهمت فقط في تخفيف الضغط المالي مؤقتا.

وبحسب التقرير نفسه، الذي اطلع "اقتصادكم" على نسخة منه، فإن الوضع الأكثر هشاشة يسجله نظام المعاشات المدنية (CMR-RPC)، الذي بلغت احتياطاته مع نهاية السنة 57,4 مليار درهم، مسجلة انخفاضا بنسبة 7,1% مقارنة مع 2023، وهو استمرار لمنحى تنازلي بمعدل سنوي متوسط قدره 6,4% خلال السنوات الخمس الماضية. كما بلغ العجز التقني التراكمي لهذا النظام 60,3 مليار درهم منذ أول عجز له سنة 2014، منها 35,3 مليارات درهم فقط في آخر خمس سنوات.

ويشير التقرير إلى أن هذا التآكل المستمر في الاحتياطيات يقابله ضعف في الإصلاحات الجوهرية، في وقت يظل فيه التوازن المالي رهينا بإجراءات جريئة تتجاوز الحلول الظرفية، مثل ترقيع النظام أو دعم مالي مؤقت من الدولة. كما أن بعض التعديلات الأخيرة على شروط الاستفادة من المعاش أو استرجاع الاشتراكات داخل نظام الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي (CNSS)، خصوصا في فرع التقاعد طويل الأمد، وإن كانت تهدف لتوسيع الاستفادة، فإنها تهدد في المقابل التوازن المالي المستقبلي لهذا النظام.

ويشدد التقرير على أن الإصلاح العميق والشامل أصبح ضرورة ملحة أكثر من أي وقت مضى، عبر المرور إلى نظام ثنائي القطب، يجمع بين قطب عمومي وآخر خاص، بما يتيح تقاسم المخاطر وضمان الإنصاف بين الأجيال. وقد تم تحديد الخطوط العريضة لهذا الإصلاح ضمن اتفاق الحوار الاجتماعي لسنة 2024، في أفق إرساء تسعيرة منصفة، وتقليص العجز غير المموّل، وضمان استدامة التمويل على المدى الطويل.

وفي المقابل، يشير التقرير إلى أن بنية استثمار الاحتياطات ما تزال تفتقر إلى التنويع الكافي. فباستثناء ودائع CNSS طويلة الأمد لدى صندوق الإيداع والتدبير، والتي بلغت 66,2 مليار درهم، فإن توظيفات باقي الصناديق تتوزع على سندات ذات عوائد ثابتة (54,3%)، وأسهم وحصص (34,3%)، واستثمارات عقارية (10,3%)، مما يبرز الحاجة إلى مراجعة السياسات الاستثمارية لضمان عائدات مستدامة تدعم هذه الأنظمة في مواجهة التزاماتها المتزايدة.