اقتصادكم
نظــم معهــد مجموعـة صنـدوق الإيـداع والتدبيـر "سيديجي" والمديريـة العامـة للجماعـات الترابيـة، أخيرا، نـدوة عـن بعد حول موضوع "تقليص الفوارق بين المجالات الترابية".
وتـم التطـرق في بداية الندوة إلى تحديـد مفهـوم الفـوارق المجاليـة، الـذي يحيـل علـى التفـاوت وانعـدام المسـاواة علـى المسـتوى التنمـوي بيـن الجهـات في المجـالات الاقتصاديـة والاجتماعيـة والثقافيـة، بـل وحتـى الرقميـة. ويمكـن لهـذه التفاوتـات أن تظهـر حتـى داخـل المـدن، من خلال الفـوارق في مجـال التجهيـز بيـن مختلـف الأحيـاء.
ويتيـح قيـاس وتقييـم هـذه التفاوتـات إمكانيـة مقارنـة مسـتوى تنميـة الوحـدات المجاليـة لنفـس البلـد، كمـا أنهـا تكشـف عـن انعـدام تـوازن الأوضــاع فيمــا بينهــا. ويتــم قيــاس هــذه الفــوارق عــن طريــق مؤشــرات اجتماعيــة، مثــل نســب الأميــة والتمــدرس والربط بشبكات الماء والكهرباء.
وحـاول المتدخلـون، في إطـار هـذه النـدوة، إعطـاء أجوبـة لمختلـف الأسـئلة المطروحـة، خاصـة تلـك المتعلقـة بالآليـات التـي يجـب اعتمادهـا بُغيـة مواجهـة التفاوتـات الجهويـة، وأهميـة الحكامـة الجيـدة علـى مسـتوى الجهـات، والمـوارد الماليــة والبشريــة التــي يلــزم توفيرهــا، مــن أجــل تثميــن المــؤهلات التنمويــة في العالــم القــروي. كمــا عكــف المشاركون على اقتراح توصيات، لغاية رفع تحدي التوازنات المجالية بين جهات المملكة.
وشــكلت النــدوة فرصــة لتقديــم مســتوى إنجــاز برنامــج تقليــص الفــوارق المجاليــة والاجتماعيــة في الوســط القـروي الـذي أعطـى الملـك محمـد السـادس انطلاقتـه في سـنة 2015. ويهـدف هـذا البرنامـج، الـذي خصـص لـه غلاف مالي بقيمـة 50 مليـار درهـم، إلى تعزيـز وتنويـع المـؤهلات الاقتصاديـة للمناطـق القرويـة والجبليـة، إضافـة إلى فـك العزلـة عـن سكان القرى، وتحسـين ولوجهـم للخدمـات الأساسـية، مثل التعليـم والصحـة والكهربـاء والمـاء.
وبهـذا الصـدد، تـم تسـجيل إنجـازات مهمـة علـى المسـتوى المـالي والمشـاريع، إذ تـم اسـتثمار 41 مليـار درهـم في محفظـة ضمـت 9500 مشـروع وعمليـة، واسـتفاد 14 مليـون شـخص مـن مختلـف البرامـج المنفـذة على صعيد 1060 جماعة قروية.
ومكنت تدخلات المشاركين في الندوة من استخراج العديد من الخلاصات، تهم وجوب عدم اعتبـار الفـوارق بيـن المجـالات الترابيـة قـدرا لا مفـر منـه. فالأمـر يتعلـق بإشـكالية عالميـة توجـد علـى حـد الســواء في البلــدان الغنيــة والناميــة والصاعــدة.
وتجــدر الإشــارة بهــذا الشــأن إلى أن دولا تتوفــر علــى جغرافيــا أكثــر تعقيدا من المغرب، كاليابان، قد تمكنت من تحقيق الانسجام وتوزيع ثرواتها وتجهيزاتها بشكل أفضل؛ بالإضافـة إلى التفاوتـات الجهويـة والاجتماعيـة، بـرز شـكل جديـد مـن الفـوارق، ألا وهـو التفـاوت الرقمـي.
وتوجـد اليـوم صحــاري رقميــة، وهــي عبــارة عــن فضــاءات غيــر مرتبطــة بالهاتــف المحمول ولا بالأنترنـت. وغالبــا مــا يتــم ملاحظــة وجود هذه الفوارق داخل المدينة نفسها، إذ تتفاوت جودة الربط من حي إﻟﻰ آخر. وفي المغــرب، تجــد هــذه التفاوتــات تفســيرات لهــا في العديــد مــن العوامــل المحــددة، من قبيل الجغرافيــا ولتضاريــس وجـودة التربـة والجبـال وكذا المنـاخ ووفـرة الميـاه.
وعرفت الندوة مشاركة اهرو أبرو، رئيس مجلس جهة درعة تافيلالت، وعبد العزيز عديدي، أستاذ التعليم العاﻟﻲ، والمدير السابق للمعهد الوطني للتهيئة والتعمير، وكذا سـعيد الليـث، مديـر تنميـة المجـال القـروي والمناطـق الجبليـة بـوزارة الفلاحـة والصيـد البحـري والتنميـة القرويـة والمياه والغابات، إضافة إلى باسكال كولانج، مسؤول البلد لدى مديرية إفريقيا للوكالة الفرنسية للتنمية المكلف بالمغرب.