اقتصادكم
سجلت صادرات المغرب من الأفوكادو إلى السوق السويسرية خلال الموسم الزراعي 2024-2025 ارتفاعا غير مسبوق، حيث بلغت الكميات المصدرة نحو 3800 طن، محققة عائدات مالية وصلت إلى 12.2 مليون دولار، بحسب ما كشفته منصة "EastFruit" المتخصصة في تتبع حركة التجارة الزراعية.
وأكدت المنصة، أن هذا الارتفاع يمثل نموا بلغ 2.7 مرة مقارنة بالموسم السابق، ويضاعف الأرقام المسجلة قبل عامين بأربعة أضعاف، ليصعد المغرب إلى المرتبة الثانية ضمن أكبر مورّدي هذه الفاكهة إلى سويسرا.
غير أن هذا التطور التجاري اللافت يسلط الضوء على إشكالية تتجاوز لغة الأرقام، إذ يأتي في وقت يعيش فيه المغرب أزمة جفاف مزمنة للعام السادس على التوالي، وسط تراجع مستمر في منسوب الموارد المائية، حسب المنصة التي أبرزت أن هذه المفارقة تثير تساؤلات ملحة حول مدى اتساق الخيارات الزراعية للبلاد مع التحديات البيئية الراهنة.
وأضافت أن فاكهة الأفوكادو، رغم قيمتها التسويقية المرتفعة، تعرف بأنها من بين المزروعات الأشد استهلاكا للمياه، زراعتها تتطلب كميات كبيرة من الري، غالبا في مناطق تعاني أصلا من شح في المياه، وهو ما يزيد من الضغوط على الفرشات المائية والسدود في البلاد.
وأشار المصدر ذاته، إلى تحول المغرب من مصدر هامشي للأفوكادو خلال موسم 2003-2004 إلى فاعل أساسي في السوق الدولية بعد عقدين فقط، وقد ينظر إليه كمؤشر على تنويع الصادرات وتعزيز الميزان التجاري، لكن هذا المكسب الاقتصادي يصطدم بسؤال محوري تقول المنصة وهو: هل يمكن اعتبار هذا التوجه انتصارا فعليا في ظل غياب مقاربة شاملة ومستدامة لإدارة الموارد المائية؟.
وأوردت أن المفارقة تزداد حدة عندما يؤخذ بعين الاعتبار أن هذا النمو في التصدير لا يصاحبه بالضرورة تحسن في أوضاع الفلاحين الصغار أو المجتمعات القروية التي تعاني من تبعات الجفاف ونقص المياه، فبينما تجني الأسواق الأوروبية ثمار هذا التوسع الزراعي، يبدو أن الكلفة البيئية والاجتماعية تدفع محليا، دون تعويضات ملموسة.
وأضافت المنصة المتخصصة في تتبع حركة التجارة الزراعية، أنه بين منطق السوق ومتطلبات الأمن المائي، تجد السياسات الزراعية المغربية نفسها أمام معادلة معقدة: كيف يمكن تحقيق العائد الاقتصادي دون التضحية بالاستدامة؟ وهل تصدير محاصيل كثيفة الاستهلاك للمياه هو الخيار الأمثل في زمن الشح المتزايد؟.