اقتصادكم
تكاد شوارع المملكة لا تخلو من التروتينيت الكهربائية (أو السكوترات الكهربائية) التي أصبحت أحد أبرز ملامح التنقل في المغرب، مع الارتفاع المتواصل لأسعار المحروقات، وموجات الازدحام التي تعرفها كبريات المدن المغربية، تزايد الاهتمام الوطني بهذه الفئة من وسائل التنقل، مدفوعًا بالنمو المتسارع لها عالميا والاهتمام الكبير بالتنقل المستدام والخيارات الصديقة للبيئة.
فوفقًا لتقرير صادر عن مؤسسة "غلوبال ماركت إنسايت" (Global Market Insight)، يتوقع أن يصل حجم السوق العالمي للسكوترات الكهربائية إلى 25.1 مليار دولار في عام 2024، مع توقعات باستمرار هذا النمو بنسبة 6% سنويًا حتى عام 2032.
ومن وجهة نظر أمين سامي، خبير الاستراتيجية وقيادة التغيير للشركات والمؤسسات والاستراتيجيات التنموية فإن التوقعات الإيجابية لنمو سوق السكوتر الكهربائي ترجع إلى عدة عوامل رئيسية، أبرزها : التقلبات العالمية لأسعار البترول ساهمت في عدم ثبات أسعار البنزين، والصراعات الدولية، كما أن التوجه العالمي الجديد نحو الاستدامة والطاقات المتجددة، كان عاملا أساسيا أيضا في هذا المجال، حيث لوحظ التركيز المتزايد على حلول التنقل الصديقة للبيئة والمدمجة، في ظل توسع المناطق الحضرية وزيادة الطلب على وسائل النقل الشخصية الفعالة من حيث التكلفة، بالإضافة إلى الازدحام المروري الذي يعرقل حركة السير، وارتفاع البصمة الكربونية، كلها أمور عززت بظهور السكوترات الكهربائية من أجل تقليل الوقت المهدر في السير والجولان، والمساهمة في تقليل البصمة الكربونية والحفاظ على البيئة.
وأضاف الخبير في تصريح لموقع "اقتصادكم" أن التروتينيت الكهربائية تعتبر خياراً مثالياً للتنقل داخل المدن، حيث تقدّم وسيلة نقل نظيفة وسريعة وبأسعار معقولة ما يعزز الطلب على هذه الوسائل، ويجعلها من الخيارات المفضلة في العديد من الدول.
وفي تقرير آخر صادر عن «غراند فيو ريسيرتش» (Grand View Research) توقعت أن يشهد سوق السكوتر الكهربائي نمواً بنسبة 9.9% في عام 2024، ليصل حجمه إلى 41.6 مليار دولار. وبالتالي تشير التوقعات إلى استمرار هذا النمو بالمعدل نفسه حتى عام 2030، فهذه التوقعات الإيجابية كلها مؤشرات منبهات على تطور سوق التروتينيت الكهربائية، ليصبح في المستقبل من أهم الأسواق الواعدة والمستقبلية في مجال الاستدامة.
وأشار إلى أن التوجه نحو اعتماد السكوترات الكهربائية في المغرب ينسجم مع الجهود الوطنية لتعزيز التنقل المستدام وتقليل الانبعاثات الكربونية، حيث يمكن أن يسهم هذا التوجه في تحسين جودة الهواء في المدن المغربية وتقليل الازدحام المروري، خاصة في المناطق الحضرية المكتظة.
أما من الناحية الاقتصادية، يؤدي انتشار السكوترات الكهربائية إلى إحداث فرص عمل جديدة في مجالات التصنيع والصيانة والبنية التحتية للشحن، بالإضافة إلى تحفيز الاستثمارات في قطاع التكنولوجيا النظيفة. وبالنسبة لتنظيم المرور، يتطلب دمج السكوترات الكهربائية في نظام النقل العام وضع سياسات وقوانين تنظم استخدامها، بما في ذلك تحديد السرعات المسموح بها، والمسارات المخصصة، ومعايير السلامة، لضمان انسيابية الحركة على الطرق والحفاظ على سلامة المستخدمين.
ويذكر أن الحكومة تستعد لتقييد استعمال التروتينيت في الطرقات العمومية، حيث كشف محمد عبد الجليل، وزير النقل واللوجيستيك، عن إعداد مشروعي مرسومين بشأن قواعد السير على الطرق، ويتعلق الأمر بإحداث تعريفين لمفهومي مركبة التنقل الشخصي بمحرك، والدراجة بدوس مساعد، وتحديد الشروط والخصائص التقنية الواجب توفرها في مركبة التنقل الشخصي بمحرك والدراجة بدوس مساعد، وتحديد قواعد سيرها على الطرق وفق ما تقتضيه السلامة الطرقية وأمان مستعملي الطريق العمومي.