اقتصادكم - نهاد بجاج
أظهرت المندوبية السامية للتخطيط أن الاقتصاد الوطني سجل نموا ملموسا خلال الفصل الثاني من سنة 2025، إذ بلغ معدل النمو 5,5% مقارنة بـ3% خلال نفس الفترة من السنة الماضية، متجاوزا توقعات القانون المالي التي كانت تشير إلى 4,6%، هذا الأداء يعكس دينامية قوية للقطاعات الاقتصادية، لكنه يثير تساؤلات حول مدى استفادة مختلف فئات المجتمع من هذا النمو.
يرى المحلل الاقتصادي محمد جدري أن "نمو الاقتصاد الوطني مهم جدا والأرقام المسجلة إيجابية للغاية، لكن هذا النمو ينعكس أساسا على النخبة المجتمعية، بينما يبقى أغلب المواطنين بعيدين عن أثره".
ويُضاف إلى ذلك أن النمو الاقتصادي الشامل هو مفهوم تحليلي يشير إلى أهمية أن يستفيد جميع أفراد المجتمع من التقدم الاقتصادي، من خلال إحداث الفرص وتوزيع المكاسب بشكل عادل، وليس الاقتصار على المؤشرات الإجمالية أو النخبة فقط.
وأوضح جدري، في تصريح لموقع "اقتصادكم"، أن النمو الإيجابي المحقق يعود إلى عدة عوامل متكاملة، بدءا بتحسن القطاع الفلاحي، الذي ارتفعت قيمته المضافة بنسبة 4,2% مقابل انخفاض 4,8% في نفس الفصل من السنة الماضية، مدفوعا بتحسن الإنتاج الفلاحي بنسبة 4,7% رغم تراجع الصيد البحري بنسبة 7,7%. كما ساهم القطاع الثانوي في هذا الأداء بارتفاع قيمته المضافة بنسبة 7,4%، نتيجة تحسن الصناعة التحويلية بنسبة 6,9%، والبناء والأشغال العمومية بنسبة 6,7%، وأنشطة الكهرباء والغاز والماء بنسبة 8,9%.
أما القطاع الثالثي فقد سجل نموا بنسبة 4,8% مقارنة بـ4,2% في السنة الماضية، مدعوما بأنشطة الفنادق والمطاعم والخدمات العامة والتجارة، رغم تباطؤ بعض الأنشطة مثل التعليم والصحة والنقل.
ويضيف المحلل الاقتصادي، أن ارتفاع الطلب الداخلي ساهم بدور كبير في هذا النمو، خصوصا مع انخفاض التضخم من 6,6% و6,1% خلال سنتي 2022 و2023 إلى نحو 1% إلى 2% في الفترة الحالية، ما ساعد على استقرار القدرة الشرائية، إضافة إلى الزيادات في الأجور والدعم المالي لبعض الأسر الذي يدخل مباشرة في الاقتصاد الوطني.
مع ذلك، يسلط جدري، الضوء على التفاوت في استفادة المجتمع من هذا النمو، مؤكدا أن "النمو مهم، لكنه ينعكس أساسا على النخبة، في حين يبقى باقي أفراد المجتمع بعيدين عنه. لضمان وصول أثر النمو إلى جميع المواطنين، خصوصا ذوي الدخل المحدود والطبقة المتوسطة، لا بد من تعزيز الاستثمار، وترشيد النفقات، ومحاربة الفساد، وتحسين التعليم والخدمات الصحية".
وأظهرت المندوبية، في مذكرتها الإخبارية حول الوضعية الاقتصادية خلال الفصل الثاني من سنة 2025، أنه بالأسعار الجارية ارتفع الناتج الداخلي الإجمالي بنسبة 7,8% مقابل 6,9% السنة الماضية، ما ساهم في تباطؤ المستوى العام للأسعار إلى 2,3% مقابل 3,9% في نفس الفترة من 2024.